منبر الحوار العام



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منبر الحوار العام

منبر الحوار العام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الصوفية ونشأتها

    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty الصوفية ونشأتها

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:13 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    هنا يمكنك التعرف على الطرق الصوفية فى النقاط التالية:-

    # الفصل الأول: تاريخ نشأة الطرق الصوفية.
    # الفصل الثاني: معنى الطريقة الصوفية.
    # الفصل الثالث: الطريقة التجانية.
    # الفصل الرابع: الطريقة الرفاعية.
    # الفصل الخامس: الطريقة النقشبندية.
    # الفصل السادس: الطريقة الشاذلية.
    # الفصل السابع: الطريقة الختمية.
    # الفصل الثامن: الطريقة القادرية.
    # الفصل التاسع: الطريقة البريلوية.
    # الفصل العاشر: كشف بطائفة من الطرق الصوفية غير ما ذكر.


    الفصل الأول

    تاريخ نشأة الطرق الصوفية.
    يبدو أن أول صوفي وضع نظام الطرق الصوفية هو الصوفي الإيراني محمد أحمد الميهمي المتوفى سنة 430هـ والمعروف باسم أبي سعيد، فقد أقام في بلدته نظاماً للدراويش، وبنى خاناً بجوار منزله للصوفية، وجعل نظام تسلسل الطريق عن طريق الوراثية، ويبدو كذلك أنه من أوائل من كتب في طريقة التربية الصوفية وهو سابق على عبدالكريم القشيري صاحب (الرسالة القشيرية) والتي كتب فيها صاحبها أيضاً طائفة كبيرة من طرق التربية الصوفية والقشيري توفي سنة 465هـ, وكان مولده سنة 376هـ, وأما مولد أبي سعيد فقد كان في سنة 357هـ, فهو أكبر من القشيري وأقدم. وقد قيل إنه اتصل بعبدالرحمن السلمي، صاحب كتاب (الطبقات)، وأخذ عنه الحرفة الأولى، واتصل كذلك بأبي العباس القصاب وأخذ عنه الحرفة الثانية. وقد انتشر بعد ذلك في القرنين الخامس والسادس الهجريين نظام الطرق الصوفية وانتقلت من إيران إلى المشرق العربي فظهرت الرفاعية والقادرية في العراق، والأحمدية والشاذلية في مصر، ثم ظهرت بعد ذلك الدسوقية في مصر أيضاً، ثم تتابع ظهور الطرق الجديدة وكذلك الطرق المتفرعة من طرق قديمة حتى أصبحت الطرق تعد بالآلاف.
    وغالباً ما تسمى الطريقة باسم مؤسسها، وأحياناً تسمى باسم خاص (كالختمية) مثلاً (والزوامة) نسبة إلى الزم لأن ذكرهم (بالزوم) (وهي كلمة عامة مصرية معناه إخراج صوت معروف يخرج من الأنف والفم مقفول بعد الميم).
    الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق – ص 349


    الفصل الثانى


    معنى الطريقة الصوفية

    الطريقة الصوفية تعني أولاً النسبة إلى شيخ يزعم لنفسه الترقي في ميادين التصوف والوصول إلى رتبة الشيخ المربي. ويدعي لنفسه بالطبع رتبة صوفية من مراتب الأولياء عند الصوفية كالقطب والغوث والوتد والبدل.. الخ.
    ولا بد أن يكون من أهل الكرامات والمكاشفات، ويكون له بالطبع ذكر خاص به، يزعم كل واحد منهم أنه تلقاه من الغيب إما من الله رأساً، أو نزل منه سبحانه مكتوباً، أو من الرسول صلى الله عليه وسلم في اليقظة أو في المنام، أو من الخضر عليه السلام.. المهم لا بد أن يكون له ذكر خاص ينفرد به عن سائر الطرق، ولا بد أن يكون لهذا الذكر الخاص ميزة خاصة وفضل خاص أكبر من الموجود في القرآن والسنة، وأفضل مما عند الطرق الأخرى وهذا بالطبع لجلب (الأنا قليل أدبائن) لهذا الطريق الخاص. ثم لا بد أن يكون لكل طريق شعائر خاصة، فلون العَلم والخرقة لون مميز، وطريقة الذكر الصوفي مميزة، ونظام الخلوة مميز، وهكذا؛ والطرق الحديثة غالباً ما يتوارثها الأبناء عن الآباء وذلك أن الطريقة التي تستطيع جلب عدد كبير من المريدين والتابعين والأنصار تصبح بعد مدة يسيرة إقطاعية دينية عظيمة تفد الوفود إلى رئيسها (شيخها) من كل ناحية، وتأتيه الإتاوات والصدقات والهبات والبركات من كل حدب وصوب وحيثما حل الشيخ في مكان ذبحت الطيور والخرفان وأقيمت الموائد الحسان، ولذلك فإن أصحاب هذه الطرق يقاتلون اليوم عنها بالسيف والسنان.
    وعامة الذين يؤسسون الطرق بل جميعهم يصلون نسبهم بالرسول صلى الله عليه وسلم ويجعلون أنفسهم من آل بيته.
    [color:1ad5="rgb(255, 140, 0)"]الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق – ص 350




    بحول الله وقوته سوف أكمل باقى الفصول فى الردود القادمة
    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty رد: الصوفية ونشأتها

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:15 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



    الفصل الثالث: الطريقة التجانية


    المبحث الأول: التعريف

    التجانية: فرقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية ويزيدون عليها الاعتقاد بإمكانية مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم، مقابلة مادية واللقاء به لقاءً حسيًّا في هذه الدنيا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصهم بصلاة (الفاتح لما أُغلق) التي تحتل لديهم مكانة عظيمة.



    المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

    - المؤسس هو: أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار ابن أحمد بن محمد سالم التيجاني، وقد عاش مابين (1150-1230هـ) (1737 ـ 1815م) وكان مولده في قرية عين ماضي من قرى الصحراء بالجزائر حاليًّا. ـ حفظ القرآن الكريم ودرس شيئاً من الخليل. ـ درس العلوم الشرعية، وارتحل متنقلاً بين فاس وتلمسان وتونس والقاهرة ومكة والمدينة ووهران. ـ أنشأ طريقته عام (1196هـ) في قرية أبي سمغون وصارت فاس المركز الأول لهذه الطريقة، ومنها خرجت الدعوة لتنتشر في أفريقيا بعامة. ـ أبرز آثاره التي خلَّفها لمن بعده زاويته التيجانية في فاس، وكتابه (جواهر المعاني) وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التيجاني الذي قام بجمعه تلميذه علي حرازم.
    الموسوعة الميسرة


    ولم يترك التجاني بدعة قديمة للتصوف إلا ابتدعها ولا فضلاً مزعوماً ادعاه شيخ صوفي لنفسه إلا ادعاه هو لنفسه وزاد عليه، فقد ادعى أنه هو خاتم الأولياء جميعاً والغوث الأكبر في حياته وبعد مماته، وأن أرواح الأولياء منذ آدم إلى آخر ولي لا يأتيها الفتح والعلم الرباني إلا بواسطته هو، وأن قدمه على رقبة كل ولي لله تعالى من خلق آدم إلى النفخ في الصور، وأنه أول من يدخل الجنة هو وأصحابه وأتباعه، وأن الله شفعه في جميع الناس الذين يعيشون في قرنه الذي عاش فيه، وأن الرسول أعطاه ذكراً يسمى صلاة الفاتح يفضل أي ذكر قرئ في الأرض ستين ألف مرة بما في ذلك القرآن الكريم
    الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق – ص 351

    من مشاهيرهم بعد المؤسس: ـ علي حرازم أبو الحسن بن العربي برادة المغربي الفاسي وقد توفي في المدينة النبوية. ـ محمد بن المشري الحسني السابحي السباعي (ت1224هـ) صاحب كتاب (الجامع لما افترق من العلوم) وكتاب (نصرة الشرفاء في الرد على أهل الجفاء). ـ أحمد سكيرج العياشي 1295 ـ 1363هـ ولد بفاس، ودرس في مسجد القرويين، وعين مدرسًا فيه، تولى القضاء، وزار عددا من مدن المغرب، وله كتاب (الكوكب الوهاج) وكتاب (كشف الحجاب عمن تلاقى مع سيدي أحمد التيجاني من الأصحاب). ـ عمر بن سعيد بن عثمان الفوتي السنغالي: ولد سنة 1797م في قرية الفار من بلاد ديمار بالسنغال حاليًّا، تلقى علومه في الأزهر بمصر، ولما رجع إلى بلاده أخذ ينشر علومه بين الوثنيين
    ، وكانت له جهود طيبة في مقاومة الفرنسيين. وقد كانت وفاته سنة 1283هـ، وخلفه من بعده اثنان من أتباعه، وأهم مؤلفاته (رماح حزب الرحيم على نحور حأنا قليل أدب الرجيم) الذي كتبه سنة 1261هـ - 1845م. ـ محمد عبد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم الشريف الحسني التيجاني المصري 1315 ـ 1398هـ وهو رائد التيجانية في مصر، وقد خلف مكتبة موجودة الآن في الزاوية التيجانية بالقاهرة وله كتاب (الحق والخلق)، وله (الحد الأوسط بين من أفرط ومن فرط)، و(شروط الطريقة التيجانية) كما أسس مجلة (طريق الحق) سنة 1370 ـ 1950م.



    المبحث الثالث: مصادر التجانية

    يستقي التجانيون عقائدهم وسلوكهم من غير كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فمصادر تلقيهم لدينهم عقيدة وفكرا من كتب الصوفية عموما وخاصة كتب ابن عربي والغزالي والحلاج ونحوهم غير أن مرجعهم الأول والأهم هو ما سطره علي حرازم تلميذ أحمد التجاني في كتاب سماه (جواهر المعاني وبلوغ المرامي) وهذا الكتاب أهم من كتاب (المقصد الأحمد) للكتاني, ومن كتاب (ميزان الرحمة الربانية في التربية بالطريقة التجانية) والذي يعتبر خلاصة كتاب (الفتوحات المكية) لابن عربي, ومن المصادر المهمة جداً عند القوم كتاب (رماح حزب الرحيم على نحور حأنا قليل أدب الرجيم) لعمر الفوتي, وبعدها يأتي كتاب (الجامع لما افترق من العلوم الفائضة من القطب المكتوم) لمحمد بن المشري, وكتاب (السر الباهر فيما انفرد به الجامع عن الجواهر) لأحمد سكيرج, جمع فيه الأقوال من (جواهر المعاني) وزاد عليه زيادات أخرى, وكتاب (الإفادة الأحمدية) للحاج الطيب السفياني, جمع فيه المؤلف ما سمعه من أحمد التجاني مشافهة أو بلغة على لسان من سمع منه وقد رتبه على حروف المعجم, ثم اختصره في كتاب أسماه (كشف الحجاب) وجعل عليه شرحا أسماه (الإجادة على الإفادة) وكتاب (بغية المستفيد شرح منية المريد) لمحمد العربي السائح العمري التجاني, شرح فيه مؤلفه ما جاء في (منية المريد) من نظم لأحمد بن بابا الشنقيطي التجاني, وكتاب (ميزاب الرحمة الربانية في التربية بالطريقة التجانية) لعبيدة بن محمد التشيتي, وكتاب (الدرة الخريدة على الياقوتة الفريدة) لمحمد فتحا السوسي النظيفي, وهو عبارة عن شرح لمنظومة في الطريقة التجانية اسمها (الياقوتة الفريدة) وكتاب (الجيش الكفيل بأخذ الثار ممن سل على الشيخ التجاني سيف الإنكار) لمحمد بن محمد الصغير الشنقيطي, وهناك بعض الكتب منسوبة للتجانية إلا أن التجانيون تبرؤوا منها( .
    مجلة الحكمة- عبد العزيز بن عمر الغامدي- ص260
    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:16 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


    تمهيد:


    - مما لا شك فيه بأنه قد استمد معظم آرائه من الفكر الصوفي وزاد عليها شيئاً من أفكاره. - وقد نهل من كتب عبد القادر الجيلاني وابن عربي والحلاج وغيرهم من أعلام المتصوفة. - وخلال فترة تشكله قبل تأسيس الطريقة قابل عددًا من مشايخ الصوفية وأخذ إذناً وأورادًا عنهم وأبرز تلك الطرق القادرية والخلوتية. - واستفاد من كتاب (المقصد الأحمد في التعريف بسيدي أبي عبد الله أحمد) تأليف أبي محمد عبد السلام بن الطيب القادري الحسيني والمطبوع بفاس سنة 1351هـ. - وكان لانتشار الجهل أثر كبير في ذيوع طريقته بين الناس.

    المطلب الأول: عقيدتهم في الله



    يوجد في كتب التجـانية الكثير من النصوص التي تدل على إيمانهـم بوحدة الوجود ، ومنها ما ذكره صاحب (جواهر المعاني): " .... اعلم أن أذواق العارفين في ذوات الوجود أنهم يرون أعيـان الموجـودات {أنا قليل أدبراب بقيعة} [النور: 39]، فما في ذوات الوجود كله إلا الله سبحانه وتعالى تجلى بصورها وأسمائها وما ثم إلا أسماؤه وصفاته ... " (الجواهر: 259) . وقال في ميدان الفضل: " والقائلون بوحدة الوجود أولو الذوق الصحيح ، والكشف الصريح وأهل هذا التصديق الجامع ؛ فإنهم قائلون بأن الله تعالى هو الوجود المطلق بالإطلاق الحقيقي .. . " (ميدان الفضل والأفضال 66) . إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة المبثوثة في كتبهم . ويجب أن نشير هنا إلى تناقض هذه العقيدة الفاسدة مع عقيدة أهل السنة الذين يعتقدون أن الله تعـالى بائن من خلقه ، لا يشبهه شيء من مخلوقاته، متصف بصفات الكمال ، ونعوت الجلال ، فله الأسماء الحسنى والصفات العلا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11] . فمن اعتقد أن الله متحد بمخلوقاته ، وأن الرب عين العبد ، والعبد عين الرب فقد كفر بما أنزل على محمد . وقد حكى القاضي عياض الإجماع على كفر من ادعى مجالسة الله ، والعروج إليه ومكالمته ، أو حلـوله في أحد من الأشخاص ، كقول بعض المتصوفة والباطنية والنصارى والقرامطة . (انظر الشفا ، 2: 245)
    التجانية لعلي بن أحمد الدخيل الله


    - دعوة التجانية إلى الشرك الجلي:
    والطريقة التجانية كغيرها من الطرق رأس مالها وقطب رحاها في الدين أن تدعو الناس إلى الشرك بالله، فبدلاً من دعوة الناس إلى الصلاة الصحيحة، والصوم الصحيح المشروع والحج، والزكاة، والجهاد في سبيل الله قد استبدلوا كل ذلك بوسيلة واحدة وهي الاستغاثة بالمشايخ ودعوتهم من دون الله والالتجاء بهم إلى الله والاعتقاد أن الله لا يقبلهم إلا عن طريق هؤلاء الشيوخ الضالين بزعم أن هؤلاء المشايخ هم أبواب الله، ولا دخول على الله إلا من طريقهم، ولا قبول لتوبة تائب إلا برضاهم، وأي قربان أو زكاة لا تقبل إلا إذا كانت أيدي هؤلاء المشايخ أول من يلتقطها، وأول من يأكلها.. هذا هو دين الصوفية في نهايته إخراج الناس من عبادة الله عز وجل إلى عبادة هؤلاء المشايخ أحياءً وأمواتاً..
    قال مؤلف (رماح حأنا قليل أدب الرحيم): "وأما كيفية التوسل به رضي الله عنه وبجده صلى الله عليه وسلم فهي أنك مهما أردت حاجة من حوائج الدنيا والآخرة فصلِّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الفاتح لما أغلق مائة، واهد ثوابها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقضاء الحاجة التي تريدها ثم تقول: يا رب توسلت إليك بجاه القطب الكامل سيدنا أحمد بن محمد التجاني وجاهه عندك أن تعطيني كذا وكذا، وتسمي حاجتك بعينها عشراً" أ.هـ (الرماح ج1 ص165).
    وهكذا لا يوجهون الناس في الملمات والمهمات إلا إلى التوجه إلى الرسول والتجاني.. وعلى الرغم من أن التوسل إلى الله بالنبي بعد موته بدعة منكرة لم يفعلها أحد من سلف الأمة المشهود لهم بالخير، فإن اقتران اسم الرسول صلى الله عليه وسلم باسم هذا الداعي الكذاب من أكبر الإثم والزور والجرأة على الله..
    والعجيب في أمر التجانية أيضاً أنهم جعلوا التوسل بالأموات عند أتباعهم خاصاً بالرسول والتجاني فقط، وأنه من توسل منهم بغير الرسول والتجاني فإنه يخرج من الطريقة خروجاً نهائياً وينسلخ منها انسلاخاً كاملاً لا رجعة فيه كما ينسلخ جلد الشاة عن الشاة والبيضة عن الدجاجة؛ ومعلوم أن جلد الشاة إذا سلخ منها يستحيل إعادته إليها وأن بيضة الدجاجة إذا انفصلت عنها يتعذر إعادتها إليها.. فانظر كيف حكموا بأكبر من الردة عن الدين لمجرد أن واحداً منهم توسل بشيخ غير شيخهم.
    قال مؤلف (الدرة الخريدة): "ومن زار من الإخوان الأحمديين شيخاً من المشايخ حياً كان أو ميتاً بقصد التوسل به والاستمداد غير شيخنا أبي الفيضل (شيخهم أبو الفاضل هو أحمد التجاني والفيض في زعمهم هو علم الغيب والخير الذي يفيضه على أتباعه).. فقد خرج عن طريقة الأحمدية ولا إذن عنده فيها، بل انسلخ منها انسلاخ الجلد عن النعاج وانفصل عنها انفصال البيض عن الدجاج.." أ.هـ (الدرة الخريدة).
    فانظر كيف يكون الاستعباد والاستبداد وضرب طوق جهنمي عمن وقع في شباكهم أن لا يتصل بشيخ آخر مطلقاً ولا يعلق قلبه به.
    الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق – ص 361



    المطلب الثاني: عقيدتهم في القرآن


    يعتقد كثير من التجانيين بأن " صلاة الفاتح لما أغلق" أفضل من القرآن الكريم ، وقبـل أن نذكر النصوص التي وردت في كتبهم في ذلك نذكر نص صلاة الفاتح لما أغلق التي يزعم التجانيون أنها أفضل من القرآن الكريم .
    صلاة الفاتح لما أغلق: " اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق ، والخـاتم لما سبق ، ناصـر الحق بالحق ، الهـادي إلى صراطك المستقيم ، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم ". أما النصوص التي تبين ذلك فنحن نقتصر على بعض منها فيما يلي: 1- قال مؤلف (جواهر المعاني): "... ثم أمرني بالرجوع صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفاتح لما أغلق ، فلما أمرني بالرجوع إليها سألته صلى الله عليه وسلم عن فضلها ، فأخبرني أولاً بأن المرة الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات ، ثم أخبرني ثانياً: أن المرة الواحدة منها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ، ومن كل ذكر ، ومن كل دعاء كبير أو صغير ، ومن القرآن ست آلاف مرة " . (1: 136) 2- ثم هم أيضاً يعتقدون أنها من كلام الله ، وفي ذلك يقول مؤلف الرماح أن من شروطها: " أن يعتقد أنها من كلام الله " (الرماح: 139) . 3- وقال مؤلف (بغية المستفيد): " ... مع اعتقاد المصلي بها أنها في صحيفة من نور أنزلت بأقلام قدرة إلهية وليست من تأليف زيد ولا عمرو بل هي من كلامه سبحانه ، وأنها لم تكن من تأليف بشري، والفضل الذي فيها لا يحصل إلا بشرطين: الأول: الإذن ، الثاني: أن يعتقد الذاكر أن هذه الصلاة من كـلام الله تعالى كالأحاديث القدسية وليست من تأليف مؤلف " (الدرة الخريدة 4: 128 ، 129) . وهكذا يفترون على الله الكذب ، ويزعمون أن صلاتهم وحي من الله ، والله تعالى يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ} [الأنعام: 93] . وهم يفضلونها على القرآن ، بينما يعتقد أهل السنة أن فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه .
    التجانية لعلي بن أحمد الدخيل الله

    ولا يخفى على عالم بالعربية ركاكة لفظ هذه الصلاة وما فيها من المجاهيل فما هو الذي أغلق وفتحه الرسول.. وما هو الذي سبق؟! وكيف يكون هذان السطران أفضل من القرآن الكريم المعجز..؟ ولا عجب في هذا الكذب فقد زعموا أيضاً أنها نزلت من السماء. فقد قال الفوطي مؤلف كتاب (رماح حزب الرحيم): "ويجب أن يعتقد الذاكر أنها من كلام الله" (رماح حأنا قليل أدب الرحيم) (2/139)، وقال مؤلف كتاب (الدرة الخريدة): "ويعتقد المصلي أنها في صحيفة من نور أنزلت بأقلام قدرة إلهية وليست من تأليف زيد ولا عمرو بل هي من كلامه سبحانه وتعالى" (الدرة الخريدة) (4/128)، وقال صاحب (الجواهر) أيضاً: ".. إنها لم تكن من تأليف البكري ولكنه توجه إلى الله مدة طويلة أن يمنحه صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها ثواب جميع الصلوات وسر جميع الصلوات وطال طلبه مدة ثم أجاب الله دعوته فأتاه الملك بهذه الصلاة المكتوبة في صحيفة النور ثم قال الشيخ فلما تأملت هذه الصلاة وجدتها مكتوبة في صحيفة من النور ثم قال الشيخ فلما تأملت هذه الصلاة وجدتها لا تزنها عبادة جميع الجن والإنس والملائكة قال الشيخ وقد أخبرني صلى الله عليه وسلم عن ثواب الاسم الأعظم فقلت: إنها أكثر منه فقال صلى الله عليه وسلم بل هو أعظم منها ولا تقوم له عبادة" (الجواهر) (ص96) أ.هـ.
    وقال في بيان فضلها: "وأما فضل صلاة الفاتح لما أغلق الخ.. فقد سمعت شيخنا يقول كنت مشتغلاً بذكر صلاة الفاتح لما أغلق حين رجعت من الحج إلى تلمسان لما رأيت من فضلها وهو أن المرة الواحدة بستمائة ألف صلاة كما هو في وردة الجيوب. وقد ذكر صاحب (الوردة) أن صاحبها سيدي محمد البكري الصديقي نزيل مصر وكان قطباً. قال إن من ذكرها ولم يدخل الجنة فليقبض صاحبها عند الله، وبقيت أذكرها إلى أن رحلت من تلمسان إلى أبي سمعون فلما رأيت الصلاة التي فيها المرة الواحدة بسبعين ألف ختمة من دلائل الخيرات تركت الفاتح لما أغلق واشتغلت بها وهي (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله صلاة تعدل جميع صلوات أهل محبتك وسلم على سيدنا محمد وعلى آله سلاماً يعدل سلامهم) ولما رأيت فيها من كثرة الفضل ثم أمرني بالرجوع صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفاتح لما أغلق فلما أمرني بالرجوع إليها سألته صلى الله عليه وسلم عن فضلها فأخبرني
    أولاً بأن المرة الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات،
    ثم أخبرني ثانياً أن المرة الواحدة منها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير ومن القرآن ستة آلاف مرة لأنه من الأذكار.." (جواهر المعاني) (1/94) أ.هـ.
    وقلت: ولا يخفى ما في هذا من الكذب والتلفيق، ولا يخفى أيضاً أن تصديق مثل هذه الترهات تكذيب لله ولرسوله فقد قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ} [المائدة: 3]
    ولا غرو فقد فضل التجاني هذا نفسه على جميع الصحابة والتابعين وجميع الأمة أجمعين وادعى الولاية العظمى والغوثية وختم الأولياء
    الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق – ص 353


    قال علي حرازم: "ومما أملاه علينا رضي الله عنه قال: ولو اجتمع جميع ما تلته الأمة من القرآن من بعثته صلى الله عليه وسلم إلى النفخ في الصور لفظاً لفظاً فرداً فرداً في القرآن ما بلغ لفظة واحدة من الاسم الأعظم وهذا كله بالنسبة للاسم الأعظم كنقطة في البحر المحيط، وهذا مما لا علم لأحد به، واستأثر الله به عن خلقه، وكشفه لمن شاء من عباد، وقال رضي الله عنه: إن الاسم الأعظم هو الخاص بالذات لا غيره وهو اسم الإحاطة ولا يتحقق بجميع ما فيه إلا واحد في الدهر وهو الفرد الجامع، هذا هو الاسم الباطن، أما الاسم الأعظم الظاهر فهو اسم الرتبة الجامع لمرتبة الألوهية من أوصاف الإله ومألوهيته وتحته مرتبة أسماء التشتيت، ومن هذه الأسماء فيوض الأولياء فمن تحقق بوصف كان فيضه بحسب ذلك الاسم، ومن هذا كانت مقاماتهم مختلفة وأحوالهم كذلك وجميع فيوض المرتبة بعض من فيوض اسم الذات الأكبر، وقال رضي الله عنه: إذا ذكر الذاكر الاسم الكبير يخلق الله من ذكره ملائكة كثيرة لا يحصي عددهم إلا الله ولكل واحد من الألسنة بعدد جميع الملائكة المخلوقين من ذكر الاسم ويستغفرون في كل طرفة عين للذاكر أي كل واحد يستغفر في كل طرفة عين بعدد جميع ألسنته، وهكذا إلى يوم القيامة، ثم قال رضي الله عنه: سألت سيد الوجود صلى الله عليه وسلم عن فضل المسبعات العشر وإن من ذكرها مرة لم تكتب عليه ذنوب سنة، فقال لي صلى الله عليه وسلم: فضل جميع الأذكار وسر جميع الأذكار في الاسم الكبير، فقال الشيخ رضي الله عنه: علمت أنه أراد صلى الله عليه وسلم جميع خواص الأذكار وفضائلها منطوية في الاسم الكبير، ثم قال رضي الله عنه: يكتب لذاكر الاسم بكل ملك خلق الله في العالم فضل عشرين من ليلة القدر ويكتب له بكل دعاء كبير وصغير ستة وثلاثون ألف ألف مرة بكل مرة من ذكر هذا الاسم الشريف، وقال رضي الله عنه: فمن قدر أن ذاكراً ذكر جميع أسماء الله في جميع اللغات تساوي نصف مرة من ذكر الاسم من ذكر كل عارف" أ.هـ
    الطريقة التجانية حقائق وأسرار - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء



    المطلب الثالث: عقيدتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم


    تتلخص أهم الانحرافات العقدية عند التجانية في رسول الله صلى الله عليه وسلم في النقاط التالية: 1- إيمانهم برؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة . ومن نصوصهم في ذلك - قال في (جواهر المعاني): " قال رضي الله عنه: أخبرني سيد الوجـود يقظة لا مناماً ، قال لي: أنت مـن الآمنين ....) (1: 129) . - قال في (الرماح): (ولا يكمل العبد في مقام العرفان حتى يصير يجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ومشافهة .. " (رماح حأنا قليل أدب الرحيم ، 1: 199) . - وقال في الدرة الخريدة: " وأما الذي هو أفضل وأعز من دخول الجنة فهو رؤية سيد الوجود صلى الله عليه وسلم في اليقظة ، فيراه الولي اليوم كما يراه الصحابة رضي الله عنهم فهي أفضل من الجنة (1: 47) وبناءً على ذلك ، فإنهم يزعمون أنهم يستفتونه ويتلقون منه الأوراد ويسألونه عن صحة الأحاديث . انظر (جواهر المعاني) (2: 228) ، و(بغية المستفيد) (ص79) . وهذا اعتقاد فاسد ، فإن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بعد موته مستحيلة شرعاً وعقلاً . كما أن الوحي قد انقطع بوفاته صلى الله عليه وسلم . راجع: (التجانية ص 127 وما بعدها)
    [ الاستمداد من النبي صلى الله عليه وسلم ومن الشيخ التجاني: إن عقيدة الاستمداد من النبي صلى الله عليه وسلم والمشايخ موجودة لدى كثير من المبتدعة والصوفية . والتجانية من الذين يؤمنون بعقيدة الاستمداد من النبي صلى الله عليه وسلم ومن الشيخ التجـاني ، وأنه يعطي ويمنع ، ويشفي ويمرض ، ويجيب دعاء المضطر وغير ذلك ، وفيما يلي بعض النصوص التي تبين ذلك: ]
    - قال مؤلف (جواهر المعاني): "... لا شك أنه صلى الله عليه وسلم في هذا الميدان تام في نفسه ، لا يطـرأ عليه النقص بوجه من الوجوه ، كامل صلى الله عليه وسلم، يفيض الكمالات على جميع الوجود من العلوم والمعارف ، والأسرار والأنوار ، والأحوال والفيوضات ، والتجليات والمواهب والمنح وجميع وجوه العطايا . فكل ما يفيضه الحق سبحانه وتعالى على الوجود مطلقاً ومقيداً أو كثيراً أو قليلاً مما اشتهر أو شذ إنما يفيضه بواسطة الرسول صلى الله عليه سلم . فمن ظن أن يصل شيء إلى الوجود بغير واسطة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد جهل أمر الله ، وإن لم يتب خسر الدنيا والآخرة بهذا الاعتقاد .... " .
    - ونقل مؤلف كتاب (رماح حأنا قليل أدب الرحيم) عن التجاني قوله: " إن روح النبي صلى الله عليه وسلم وروحي هكذا "وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها" فروحة تمد الأنبياء ، وروحى تمد الأقطاب والعارفين والأولياء " . (الرماح) (2: 142) .
    - وقال مؤلف (بغية المستفيد): " قال رضي لله عنه إن الفيوض التي تفيض من ذات سيد الوجود صلى الله عليه وسلم تتلقاها ذوات الأنبياء ، وكل ما فاض وبرز من ذوات الأنبياء تتلقاه ذاتي ، ومني يتفـرق على جميع الخلائق من نشأة العالم إلى النفخ في الصور ..... وقال: لا يتلقى ولي فيضاً من الله تعالى إلا بواسطته رضي الله عنه من حيث لا يشعر به ، ومدده الخاص به إنما يتلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم " 0(ص225) .
    وهم يثبتون هذا المدد للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته . - قال مؤلف (الدرة الخريدة): " ... ومن توهم أنه صلى الله عليه وسلم انقطـع جميع مدده على أمته بموته صلى الله عليه وسلم أنا قليل أدبائر الأموات ، فقد جهل رتبة النبي صلى الله عليه وسلم وأساء الأدب معه ويخشى عليه أن يموت كافراً ، إن لم يتب من هذا الاعتقاد .. " (4: 203) .
    وهذا أيضاً اعتقاد فاسد كالذي قبله ، فإن الله وحـده هو الذي يملك الضر والنفع ، والهداية والضلال ، وهو وحده الخالق الرازق ، المحي المميت ، لا يملك أحد من ذلك شيئاً ، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل ، فضلاً عن غيرهما . وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . [الأعراف: 188] . ونستطيع القول: إن كل ما يوجد عند الصوفية من انحراف في عقيدتهم في النبي صلى الله عليه وسلم فإنه موجود عند التجانية .
    التجانية لعلي بن أحمد الدخيل الله


    وذكر عمر بن سعيد الفوتي في كتاب (الرماح): (إن الأولياء يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة وإنه يحضر كل مجلس أو مكان أراد بجسده وروحه وأنه يتصرف في أقطار الأرض في الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته لم يتبدل عن شيء وأنه مغيب عن الأبصار كما غيبت الملائكة مع كونهم أحياء بأجسادهم فإذا أراد الله أن يراه عبد رفع عنه الحجاب فيراه على هيئته التي كان هو عليها)، ثم ذكر في هذا الفصل كثيراً من النقول عن جماعة من الصوفية فيها حكايات عن رؤية الأولياء لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة وذكر في هذا الفصل كثيراً من الغرائب والمنكرات حول مجالس الأنبياء والأقطاب في المسجد الحرام عند الكعبة بأجسادهم وتصرفهم بأنفسهم ووكلائهم في الخلق وذكر فيه أيضاً أن الأنبياء والأولياء لا يبقون في قبورهم بعد الوفاة إلا زماناً محدوداً يتفاوت حسب تفاوت درجاتهم ومراتبهم ثم ختم الفصل بقوله: "إذا نظرت وتحققت بجميع ما تقدم من أول الفصل إلى هنا ظهر لك ظهوراً لا غبار عليه أن اجتماع القطب المكتوم والبرزخ المختوم شيخنا أحمد بن محمد التجاني سقانا الله تعالى من بحره بأعظم الأواني، ورزقنا جواره في دار التهاني رضي الله تعالى عنه وأرضاه وعنا به بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً وأخذه رضي الله عنه وأرضاه وعنا به عن سيدنا جده رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة منه إليه رضي الله تعالى عنه وأرضاه وعنا به وأعاد علينا من بركاته دنيا وبرزخا وأخرى وحضور النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم بأجسادهم وأرواحهم قراءة جوهر الكمال وعند أي مجلس خير أو أي مكان شاؤوا ولا ينكره إلا الطلبة الجهلة الأغبياء والحسدة المردة الأشقياء لا مهدي إلا من هداه الله تعالى".
    الطريقة التجانية حقائق وأسرار - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


    ومن خرافات التجانية أيضاً وافتراءاتهم زعمهم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم دائماً، وحضوره وحاشاه صلى الله عليه وسلم مجالس ذكرهم المبتدعة وهذه أقوالهم في ذلك:
    2- قال في (جواهر المعاني) : ".. سأل سيد الوجود، وعلم الشهود، صلى الله عليه وسلم في كل نفس مشهود، عن نسبه وهل هو من الأبناء والأولاد، أو من الآل والأحفاد، فأجابه صلى الله عليه وسلم بقوله: "أنت ولدي حقاً" كررها ثلاثاً صلى الله عليه وسلم، وقال نسبك إلى الحسن بن علي صحيح. وهذا السؤال من سيدنا رضي الله عنه لسيد الوجود يقظة لا مناماً، وبشر صلى الله عليه وسلم بأمور عظام جسام صلى الله عليه وسلم وشرف وكرر ومجد وعظم" (جواهر المعاني) (2/228).

    3- وقال أيضاً عن الصلاة المسماة بياقوتة الحقائق: "هي من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من لفظه الشريف على شيخنا يقظة لا مناماً" (جواهر المعاني) (1/30،31).

    4- وقال أيضاً فيما يرويه عن شيخه التجاني: "قال رأيته مرة صلى الله عليه وسلم، وسألته عن الحديث الوارد في سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام. قلت له: ورد عنك روايتان صحيحتان واحدة قلت فيها يمكث بعد نزوله أربعين، وقلت في الأخرى سبعاً.. ما الصحيحة منها؟ قال صلى الله عليه وسلم: رواية السبع" (جواهر المعاني) (1/50).

    وهذا الذي يزعم التجاني أنه استفاد من الرسول في اليقظة. بشأن ترجيح (رواية سبعة أيام على أربعين يوماً) قد سرقه التجاني من كتاب (الإبريز) للدباغ فهناك قد زعم الدباغ أيضاً أنه استفاد هذا من الرسول.. وقد كان هذا الشأن التجاني دائماً.. كلما سمع أن أحداً سبقه من رجال التصوف في قول أو نحوه قال نحوه وزاد؛ كما سمع أو قرأ أن عبدالقادر الجيلاني قال عن نفسه قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله.. فقال التجاني وأما أنا فأقول قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله من خلق آدم إلى النفخ في الصور.. وسمع أو قرأ أن ابن عربي قال إنه خاتم الأولياء فقال بل أنا خاتم الأولياء وهكذا فقد ردد معظم الكذب الذي سبقه به شياطين التصوف القدامى وزاد عليهم.
    ونعود فنقول إن التجانية لم يجعلوا رؤية الرسول في اليقظة خاصة بالتجاني بل جعلوها بكل من زعموا أنه بلغ درجة العرفان في زعمهم وهاك بعض نصوصهم في ذلك:

    1- قال في (رماح حأنا قليل أدب الرحيم): "ولا يكمل العبد في مقام العرفان حتى يصير يجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ومشافهة.. الخ" (الرماح) (1/199).

    2- وقال في (بغية المستفيد): ".. منهم من يرى روحه في اليقظة متشكلة بصورته الشريفة، ومنهم من يرى حقيقة ذاته الشريفة وكأنه معه في حياته صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء هم أهل المقام الأعلى في رؤيته صلى الله عليه وسلم" أ.هـ (بقية المستفيد) (ص79،80).

    إن المفترق الأول بين دين الإسلام ودين التصوف هو الافتراق في التلقي بينما يتلقى المسلمون دينهم بعد وفاة الرسول من الكتاب والسنة وإجماع الأمة فقط هذا هو المعصوم ثم من اجتهاد الأئمة المعرض للصواب والخطأ، أقول بينما يفعل المسلمون ذلك، فإن المتصوفة يجعلون تلقيهم للدين من كل من هب ودب ممن يزعم ملاقاة الرسول وهذا كذب بإجماع الأمة. أو ملاقاة الخضر وهذا كذب وافتراء بيّن فلم يتعبدنا الله بخضر أو بغيره أو ممن يزعم رؤية الملائكة وسماع دينهم أو ممن يزعم تلقي الدين من اللوح المحفوظ رأساً وممن يتجاوز كل ذلك فيقول حدثني قلبي عن ربي.. أو من يقول يأتيني كلام الله مكتوباً في ألواح من نور.. فكل مشايخ التصوف رسل وأنبياء ومشرعون ومتلقون للدين من طرق أخرى غير طريق المسلمين وبهذا تتأكد أن دين هؤلاء حتماً ليس بدين المسلمين.. وأنهم يفترقون عن المسلمين في الأصل الأصيل وهو مصدر الدين.
    ولو فرضنا جدلاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم يمكن أن يعود بجسده الشريف أو روحه الطاهر صلى الله عليه وسلم ليلقى بعض المسلمين فإننا نجزم أن لقاءه هذا سيكون لتعزيز شريعته التي بثها في حياته لا لهدمها، فنتصور مثلاً في مثل التجاني أن يقول لا تكن أنت وأتباعك عبيداً للاستعمار الفرنسي ولا خدماً للكفار، وقوموا بنصرة الدين، وجاهدوا في سبيل الله وأما أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ليقول للتجاني أقطعتك الجنة وأتباعك ولو كانوا مجرمين فاسقين وكل من رآك دخل الجنة ولو كان كافراً، وأمُر أتباعك أن يدعوك من دون الله ويشركوا بالله في كل شيء. يأتي بآخر فيقطعه قطعة من الجنة ويؤمنه من العذاب ويقول لا حرج عليك وعلى أتباعك واعمل مولداً لنفسك ومولداً لي تستباح فيه الحرمات وتهتك فيه الأعراض ولا حرج عليك من ذلك لأن كل ذنوب أصحابك أنا أغفرها لكم.. هذه هي المهمة التي بقيت لرسول الله في الأرض.. يا سبحان الله كم يكذب هؤلاء على الله وعلى رسوله وهم لا يستحون.
    الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق – ص 358


    يقولون بأن لهم خصوصيات ترفعهم عن مقام الناس الآخرين يوم القيامة ومن ذلك: ـ أن تخفف عنهم سكرات الموت. ـ أن يظلهم الله في ظل عرشه. ـ أن لهم برزخا يستظلون به وحدهم. ـ أنهم يكونون مع الآمنين عند باب الجنة حتى يدخلوها في الزمرة الأولى مع المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه المقربين. - يقولون بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أحمد التيجاني عن التوجه بالأسماء الحسنى، وأمره بالتوجه بصلاة الفاتح لما أغلق وهذا مخالف لصريح الآية الكريمة: {وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]. ـ يقولون بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أحمد التيجاني بالتوجه بصلاة الفاتح لما أغلق، وأنه لم يأمر بها أحدا قبله، وفي ذلك افتراء بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كتم عن الأمة المسلمة شيئاً مما أوحي إليه من ربه، وقد ادخره حتى حان وقت إظهاره حيث باح به لشيخهم أحمد التيجاني. - هم كباقي الطرق الصوفية يجيزون التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله الصالحين، ويستمدون منه ومنهم ومن الشيخ عبد القادر الجيلاني ومن أحمد التيجاني ذاته، وهذا مما نهى عنه شرع الله الحكيم.
    الموسوعة الميسرة


    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty رد: الصوفية ونشأتها

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:17 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

    المطلب الرابع: عقيدتهم في التجاني




    يعتقد التجانيون أن التجاني خاتم الأولياء ، كما أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء
    فقد ذكر مؤلف (رماح حأنا قليل أدب الرحيم) من أسباب تسميتهم الطريقة التجانية بالمحمدية: "...أن الله تعالى لما ختم بمقامه مقامات الأولياء ، ولم يجعل فوق مقامه إلا مقامات الأنبياء ، وجعله القطب المكتوم ، والبرزخ المختوم ، والخاتم المحمدي المعلوم .... " (2: 145) . - وقال مؤلف (بغية المستفيد) : " فقد ثبت عنه من طريق الثقات الأثبات من ملازميه وخاصته ، أنه أخـبر تصريحاً على الوجه الذي لا يحتمل التأويل أن سيد الوجود أخبره يقظة بأنه هو الخاتم المحمدي المعروف عند جميع الأقطاب والصديقين ، وبأن مقامه لا مقام فوقه في بساط المعرفة بالله . . " (ص: 193- 194) . ثم قال بعد ذلك: " .... وبالجملة فقد اجتمع على إثبات هذا المقام لشيخنا رضي الله عنه جميع من لازمه إلى وفاته رضي الله عنه ، ولم يختلف منهم اثنان فيه ، حتى استفاض ذلك على ألسنة الخـاص والعام من الأصحاب والإخوان في سائر البلدان ، فلا يلتفت لنفي من نفاه كائناً من كان " (ص 194) .
    التجانية لعلي بن أحمد الدخيل الله


    تفضيل التجاني نفسه على جميع الأولياء:
    كل شيخ صوفي صاحب طريق يؤثر عنه أنه يفضل نفسه على سائر الأولياء، وذلك حتى يستطيع جلب الناس لطريقته، ويتفانى فيه أتباعه من بعده تعصباً لشيخهم وترويجاً لطريقتهم، والتجاني لعله أكثرهم جرأة في هذا الصدد، فلم يترك فضلاً مزعوماً لأحد قبله إلا نسبه إلى نفسه، فقد ادعى أنه خاتم الأولياء تقليداً لمن سبقه من مشايخ التصوف وادعى لنفسه أنه هو الذي يمد جميع الأولياء بالعلوم والمعارف منذ خلق آدم أي قبل أن يخلقه الله وإلى النفخ في الصور.. فهو الذي تنبع منه المعارف والعلوم والأسرار الإلهية -حسب زعمه- إلى الأولياء السابقين قبل وجوده وإلى جميع الأولياء اللاحقين إلى نهاية العالم.
    1- وقال مؤلف (بغية المستفيد): "قال رضي الله عنه إن الفيوض التي تفيض من ذات سيد الوجود صلى الله عليه وسلم تتلقاها ذوات الأنبياء، وكل ما فاض وبرز من ذوات الأنبياء تتلقاه ذاتي، ومني يتفرق على جميع الخلائق من نشأة العالم إلى النفخ في الصور.. وقال: لا يتلقى ولي فيضاً من الله تعالى إلا بواسطته رضي الله عنه من حيث لا يشعر به، ومدده الخاص به وإنما يتلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم" أ.هـ (بغية المستفيد) (ص225).

    2- وقال مؤلف (الدرة الخريدة): ".. فسيدي أبو الفيض أصل جميع الوسائل المتقدمة والمتأخرة، وشيخ المشايخ، وبرزخ البرازخ، والمنبع الذي تنفجر منه العلوم والفيوض والمعارف والأسرار لجميع الأولياء والأقطاب والعارفين والأحباب.." أ.هـ (الدرة الخريدة) (1/26).
    وقال في منية المريد:


    لا شك أن شيخنا التجاني

    ممد كل عارف صمداني

    يعطي ويمنع ويسلب فمن

    كمثله من الورى في ذا الزمن


    (بغية المستفيد) (ص226).
    ولا يخفى أن هذا اعتقاد خرافي ثم هو شرك واضح لأنه رفع للمخلوق إلى مرتبة الخالق فالذي يهب المعارف والعلوم والفقه ويشرح القلوب هو الله سبحانه وتعالى {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 79] فهو الذي يفهم سبحانه وتعالى وقال أيضاً سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَان} [الرحمن: 1-4] وقال تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105]. فالله هو الذي يري رسوله وكل ذلك بمدده هو سبحانه وتعالى وفضله {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ َ} [الأنعام : 125] فشرح الصدر ونور الفؤاد منه سبحانه وتعالى وليس من التجاني ولا غيره ومن ظن هذا الظن في أنه لا يأتيه علم ولا مدد إلا عن طريق التجاني أو غيره من البشر فلا شك في كفره ومروقه من الدين.
    الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق – ص 362


    وقد غلا عمر بن سعيد الفوتي في تعظيم شيخه أحمد بن محمد التجاني فزعم أنه خاتم الأولياء وسيد العارفين وأنه لا يتلقن واحد من الأولياء فيضاً من نبي الله إلا عن طريقه من حيث لا يشعر به ذلك الولي قال:
    "الفصل السادس والثلاثون في ذكر فضل شيخنا رضي الله عنه وأرضاه وعنا به وبيان أنه هو خاتم الأولياء وسيد العارفين وإمام الصديقين وممد الأقطاب والأغواث وأنه هو القطب المكتوم والبرزخ المختوم الذي هو الواسطة بين الأنبياء والأولياء بحيث لا يتلقن واحد من الأولياء من كبر شأنه ومن صغر فيضاً من حضرة نبي إلا بواسطته رضي الله تعالى عنه من حيث لا يشعر به ذلك الولي".
    إن هذه الكلمات ناطقة بالشرك الصريح، والكذب المكشوف، والغلو الممقوت، فقد جعل شيخه أعلى مرتبة من الصحابة وسائر القرون الثلاثة من شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم خير القرون بل من سواهم من الصالحين ثم ذكر ما نصه: أن بعض من لم يكن له في العلم ولا في نفحات أهل الله من خلاق قد يورد علينا إيرادين:
    أولهما: أنه يقول: إن الشيخ رضي الله عنه وأرضاه مدح نفسه وزكاها وذلك مذموم.
    ثانيهما: أنه يقول إن قول الشيخ رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: أن الفيوض التي تفيض من ذات سيد الوجود تتلقاها ذوات الأنبياء وكل ما فاض وبرز من ذوات الأنبياء تتلقاه ذاتي، ومني يتفرق على جميع الخلائق من نشأة العالم إلى النفخ في الصور ويدخل فيه جميع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم فيكون أفضل من جميع الصحابة رضي الله تعالى عنهم وذلك باطل، وكذا قوله رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: ولا يشرب ولي ولا يسقى إلا من بحرنا من نشأة العالم إلى النفخ في الصور، وكذلك قوله رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: إذا جمع الله تعالى خلقه في الموقف ينادي منادٍ بأعلى صوته يسمعه كل من بالموقف: يا أهل المحشر، هذا إمامكم الذي كان ممدكم منه، وكذا قوله رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: روحه صلى الله عليه وسلم وروحي هكذا مشيراً بإصبعيه السبابة والوسطى روحه صلى الله عليه وسلم تمد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام وروحي تمد الأقطاب والعارفين والأولياء من الأزل إلى الأبد، وكذا قوله رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى من لدن آدم إلى النفخ في الصور، وكذا قوله رضي الله تعالى عنه وأرضاه وعنا به: إن مقامنا عند الله في الآخرة لا يصله أحد من الأولياء ولا يقاربه من كبر شأنه ولا من صغر، وإن جميع الأولياء من الصحابة إلى النفخ في الصور ليس فيهم من يصل مقامنا، وكذا قوله رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: أعمار الناس كلها ذهبت مجاناً إلا أعمار أصحاب الفاتح لما أغلق فقد فازوا بالربح دنيا وأخرى ولا يشغل بها عمره إلا السعيد.
    الطريقة التجانية حقائق وأسرار - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


    ذكر عمر بن سعيد الفوتي أن الشيخ أحمد التجاني قال ذات ليلة في مجلسه: أين السيد محمد الغالي؟
    فجعل أصحابه ينادون أين السيد محمد الغالي؟ على عادة الناس مع الكبير إذا نادى أحداً، فلما حضر بين يدي الشيخ قال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى، وقال سيدي محمد الغالي – وكان لا يخافه لأنه من أكابر أحبابه وأمرائهم – يا سيدي: أنت في الصحو والبقاء أو في السكر والفناء؟
    فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: أنا في الصحو والبقاء وكمال العقل ولله الحمد، وقال: قلت: ما تقول بقول سيدي عبد القادر رضي الله عنه: قدمي هذه على رقبة كل ولي لله تعالى؟
    فقال: صدق رضي الله عنه، يعني: أهل عصره، وأما أنا فأقول: قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى من لدن آدم إلى النفخ في الصور، قال: فقلت له: يا سيدي، فكيف تقول إذا قال أحد بعدك مثل ما قلت؟
    فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: لا يقوله أحد بعدي، قال: فقلت: يا سيدي، قد حجرت على الله تعالى واسعاً ألم يكن الله تعالى قادراً على أن يفتح على ولي فيعطيه من الفيوضات والتجليات والمنح والمقامات والمعارف والعلوم والأسرار والترقيات والأحوال أكثر مما أعطاك!
    فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: بلى قادر على ذلك وأكثر منه لكن لا يفعله؛ لأنه لم يرده، ألم يكن قادراً على أن ينبئ أحداً ويرسله إلى الخلق ويعطيه أكثر مما أعطى محمـد صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: بلى، ولكنه تعالى لا يفعله؛ لأنه ما أراده في الأزل، فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: هذا مثل ذلك ما أراده في الأزل، ولم يسبق به علمه تعالى
    الطريقة التجانية حقائق وأسرار - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء


    وادعى التجاني ما لم يعطه الله لرسوله من الشفاعة من أن من رآه دخل الجنة ولو كان كافراً، وأن جميع آبائه وأمهاته في الجنة، وجميع أتباعه.
    قال صاحب (الرماح):
    ".. وليس لأحد من الرجال أن يدخل أصحابه كافة الجنة بغير حساب ولا عقاب ولو عملوا من الذنوب ما عملوا وبلغوا من المعاصي ما بلغوا إلا أنا وحدي، ووراء ذلك ما ذكر لي فيهم وضمنه لهم صلى الله عليه وسلم أمر لا يحل ذكره ولا يرى ولا يعرف إلا في الآخرة.." (رماح حأنا قليل أدب الرحيم) (2/143) أ.هـ.

    وقال مؤلف (الجواهر): "اطلعت على ما رسمه وخطه ونصه.. أسأل من فضل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمن دخول الجنة بلا حساب ولا عقاب في أول الزمرة الأولى، أنا وكل أب وأم ولدوني من أبوي إلى أول أب وأم لي في الإسلام من جهة أبي ومن جهة أمي، من كل ما تناسل منهم من وقتهم إلى أن يموت سيدنا عيسى بن مريم من جميع الذكور والإناث. وكل من أحسن إلي بإحسان حسي أو معنوي من مثقال ذرة فأكثر.. فكل من لم يعاديني من جميع هؤلاء. أما من عاداني وأبغضني فلا، وكل من والاني واتخذني شيخاً أو أخذ عني ذكراً، وكل من خدمني أو قضى لي حاجة.. وآباؤهم وأمهاتهم وأولادهم وبناتهم وأزواجهم.. يضمن لي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولجميع هؤلاء أن يموت كل حي منهم على الإيمان والإسلام.. ثم قال كل ما في هذا الكتاب ضمنته لك ضمانة لا تتخلف عنك وعنهم أبداً، إلى أن تكون أنت وجميع من ذكرت في جواري في عليين.
    وضمنت لك جميع ما طلبته منا ضماناً لا يخلف عليك الوعد فيها والسلام.. ثم قال: وكل هذا واقع يقظة لا مناماً" (جواهر المعاني) (21/130،131).قلت: لم أجد في حياتي كذباً أسمج، ولا وقاحة، ولا تقولاً على الله ورسالاته أكبر من ذلك.. فماذا كان عند هذا الوقح من دين وإسلام حتى يضمن الرسول له ذلك، وهذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول: ((والله إني لرسول الله لا أدري ما يفعل بي غداً)) والذي يقول الله تبارك وتعالى له: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الجن: 21-22].
    فيأتي هذا الكذاب ليفتري على الله أمثال هذه الافتراءات ويأبى الله إلا أن يكذبه فيكون أتباعه وأولاده أفضل خدم للكفر والاستعمار.. وقال أيضاً مؤكداً هذه المزاعم: وسألته صلى الله عليه وسلم لكل من أخذ عني ورداً أن تغفر لهم جميع ذنوبهم ما تقدم منها وما تأخر، تؤدي عنهم تبعاتهم من خزائن فضل الله لا من حسناتهم، وأن يدفع الله عنهم محاسبته على كل، وأن يكونوا آمنين من عذاب الله من الموت إلى دخول الجنة بلا حساب ولا عقاب في أول الزمرة الأولى، وأن يكونوا معي في عليين في جوار النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ضمنت لك هذا ضماناً لا ينقطع حتى تجاورني أنت وهم في عليين" (الجيش الكفيل بأخذ الثأر ص214،215) أ.هـ.
    فانظر أي أخلاق يكون عليها الذين يدعون مجاورة النبي صلى الله عليه وسلم في عليين.
    ولم يكتف التجاني بهذا أيضاً فقد زعم كذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يفارقه يومي الاثنين والجمعة من كل أسبوع، وأن مع الرسول سبعة أملاك وكل من رأى التجاني في هذين اليومين، تكتب الملائكة اسمه في رقعة من الذهب ويكون ناجياً أبداً ومن أهل السعادة حتى ولو كان كافراً عند مشاهدته للتجاني فإنه لا بد أن يموت على الإسلام، وأن هذا كرامة من الله له.
    قال صاحب (بغية المستفيد شرح منية المريد) هو محمد العربي السائع العمري التجاني وكتابه (شرح لمنية المريد ) وهو من تأليف أحمد التجاني بن بابا الشنقيطي العلوي (التجانية تأليف علي بن محمد بن الدخيل الله ص76): "وأما الكرامة الثالثة وهي دخول الجنة لمن رآه رضي الله عنه في اليومين الاثنين والجمعة، فهي من كراماته رضي الله عنه التي طارت بها الركبان وتواترت بها الأخبار في سائر الأقطار والبلدان، بإخبار من النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه الشريف فيما أخبر به سيدنا رضي الله عنه بعزة ربي، يوم الاثنين والجمعة لا أفارقك فيهما من الفجر إلى الغروب ومعي سبعة أملاك، وكل من يراك في اليومين يكتبون -يعني الأملاك السبعة- اسمه في رقعة من ذهب ويكتبونه من أهل الجنة وأنا شاهد على ذلك" (بغية المستفيد) (ص216).

    وقال أيضاً: "ورأيت في كلام بعض من كان مشاراً إليه بالفتح من الأصحاب ما يشير إلى أن المختص برئيه في اليومين هو السعادة التي لا شقاوة بعدها يعني أنه لا يراه في هذين اليومين إلا من سبق في علم الله تعالى أن يكون سعيداً، فيدخل الكفار في هذا الخطاب، وينسحب عليهم الحكم في هذا المقام بفضل الملك الوهاب فيقال لا يراه في هذين اليومين إلا من يسبق في علم الله تعالى أنه يختم له بالسعادة كائناً من كان، فإذا رآه الكافر في أحد هذين اليومين ختم له بالإيمان وعليه فتخصص الرؤية المطلقة في كل يوم بمن كان مسلماً سواء كان من الأصحاب أو لا حسبما هو مصرح به في الجواهر وهذه المقيدة باليومين بما يشمل كل من رآه ولو كان كافراً" (بغية المستفيد) (ص275) أ.هـ.

    وهذا الذي ادعاه التجاني لنفسه لم يحصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فمعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه آلاف الناس من الكفار في كل أيام الأسبوع ومع ذلك فقد ماتوا على الكفر والشرك بل كان هناك معه من الذين صحبوه، وجاهدوا وصلوا معه، منافقون مردوا على النفاق، بل كان منهم من قال الله له في شأنهم {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80].وكذلك كان من أصحابه أناس يعرفهم الرسول ويعرفونه ويوم القيامة يؤخذ بهم جهة النار ويطردون عن حوضه صلى الله عليه وسلم فيقول للملائكة أصحابي أصحابي فيقولون: ليسوا أصحابك إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك
    فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هذا شأنه فيمن رآه، وهذا شأنه مع أصحابه فماذا يكون زعم التجاني إلا أنه كذب سمج وقح.. ووالله إني لا أرى الرد على أمثال هذه الترهات ولكننا مضطرون أحياناً أن نذكر بالآيات والأحاديث وموازين الدين وقواعد الشريعة لأن بعض الناس قد يسمعون بمثل هذه السخافات ولا يستطيعون التمييز بين النبي الصادق والدعي الكذاب وبين عقيدة الإسلام الطيبة وعقائد الزنادقة ولذلك فإننا نضطر أحياناً أن نقابل هذا الهراء الذي لا ينطلي حتى على الصبيان والمجانين بالآيات والأحاديث فاللهم معذرة أن نخاطب بكلامك الطيب وبكلام رسولك الصادق الأمين أمثال هؤلاء الكذابين الزنادقة
    الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق – ص 355


    المبحث الخامس: بدعهم في الأدعية والأذكار:


    للتجانيين مجموعة كبيرة من الأوراد والأذكار المبتدعة ، منها ما هو لا زم لمن دخل الطـريق ، ومنها ماهو اختياري . ونحن نجملها فيما يلي: أولا: الأوراد الإجبارية أ- الورد: ويقرأ صباحاً ومساء وهو: 1- أستغفر الله . (مائة مرة) . 2- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة . (مائة مرة) . 3 - الكلمة المشرفة لا إله إلا الله . (مائة مرة) . ولا بد من الترتيب في الأوراد . (أحزاب وأوراد التجاني: Cool .
    ب - الوظيفة: وتقرأ في اليوم مرة إما صباحاً وإما مساء ، فإن قرئت في الوقتين كان أفضل ، وهي: 1- أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم . (ثلاثين مرة) . 2- ثم صلاة الفاتح لما أغلق . (خمسين مرة) . 3- ثم لا إله إلا الله . (ما ئة مرة) . 4- ثم جوهرة الكمال . (اثنتي عشرة مرة) .
    ومن شروط قراءة جوهرة الكمال عندهم: 1- أنها لا تقرأ إلا بالطهارة المائية دون الترابية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - على زعمهم - يحضرون عند قراءة السابعة منها . وينوب عن جوهرة الكمال عشرون من صلاة الفاتح لما أغلق لغير المتوضيء . 2- وجود الفراش الطاهر الذي يسع ستة أشخاص ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر والخلفاء الأربعة . (السابق: 10) .
    ج- ذكر الجمعة: من الأوراد اللازمة في الطريقة ذكر " لا إله إلا الله " ساعة أو أكثر متصلة بغروب الشمـس بعد صلاة العصر يوم الجمعة ، ولا يشترط التقييد بعدد . فإن لم يتمكن من الذكر ساعة ذكرها من ألف إلى ألف وستمائة ، ولا بد من اتصال الذكر بالغروب سواء بعدد أو بغير عدد ، فقد ورد أن الصحف تعرض على الحق سبحانه في كل أسبوع فيكون آخر صحيفته لا إله إلا الله ، وأولها لا إله إلا الله . (السابق: 10 ، 11) . كما يشترط فيها أيضاً ما يشترط في جوهرة الكمال من أنها لا تصح إلا بالطهارة المائية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يحضرها في زعمهم . (الدرة الخريدة) ،(3: 200) .

    نموذج من هذه الأوراد: 1- صلاة الفاتح لما أغلق . (وقد سبق الإشارة إليها) . 2- جوهرة الكمال ، وهي: " اللهم صل وسلم على عين الرحمـة الربانية ، والياقوتة المتحققة الحائطة بمركـز الفهوم والمعاني ، ونور الأكوان المتكونة الآدمي ، صاحب الحق الرباني البرق الأسطع بمزون الأرياح المـائلة لكل متعـرض من البحور والأواني ونورك اللامع الذي ملأت به كونك الحائط بأمكنة المكاني ، اللهم صل وسلم على عين الحق التي تتجلى منها عروش الحقائق ، عين المعارف الأقوم صراطك التام الأسقم ، اللهم صل على طلعة الحق بالحق ، الكنز الأعظم ، إفاضتك منك إليك ، إحاطة النور المطلسم صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله صلاة تعرفنا بها إياه " (أحزاب وأوراد التجاني ، 13 ، 14) .

    ثانياً: الأوراد الاختيارية: وهي كثيرة جداً نذكر منها: 1- ياقوتة الحقائق . 2- الصلاة الغيبية . 3- الحزب السيفي . 4- حأنا قليل أدب البحر . 5- الأسماء الإدريسية . 6- استغفار الخضر . 7- دعاء لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بعد موته . 8- صلاة رفع الأعمال . 9- المسبعات العشر . 10- دعاء في قوت القلوب . ويشترط فيها الإذن الخاص من الشيخ أو من يقوم مقامه . (السابق: 22)

    نماذج من هذه الأوراد: 1- من أوراده استغفار الخضر وهو: " اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه ، وأستغفرك من كل ما وعدتك به نفسي ثم لم أوف لك به، وأستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه غيرك ، وأستغفرك من كل نعمة أنعمت بها علي فاستعنت بها على معصيتك ، وأستغفرك يا عالم الغيب والشهادة ، ومن كل ذنب أذنبته في ضياء النهار أو سواد الليل في ملاء أو خلاء أو سر أو علانية يا حليم " (السابق: 104 ، 105) .
    2- دعاء يقرأ عدة مرات لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بعد موته: " اللهم اجمع جميع أذكار الذاكرين وجميع صلوات المصلين ، واجعل جميع الأذكار ذكري ، وجميع الصلوات صلاتي في سيدنا محمد شفيع المذنبين ، وعلى آله الأبحر الكاملين عدد ما في علمك يارب " (السابق: 106) .
    3- ومن أوراده صلاة رفع الأعمال وهي: " اللهم صل على سيدنا محمد النبي عدد من صلى عليه من خلقك ، وصل على سيدنا محمد النبي كما ينبغي لنا أن نصلي عليه ، وصل على سيدنا محمد النبي كما أمرتنا أن نصلي عليه " .

    ب- الأصل في هذه الأوراد: قال مؤلف الدرة الخريدة: " ..... ثم إن العبد إذا دخل طريق القوم وتبحر فيه أعطاه الله عز وجل هناك قوة الاستنباط نظير الأحكام الإلهية الظاهرة على حد سواء ، فيستنبط في الطريق واجبات ومندوبات وآداباً ومحرمات ومكروهات وخلاف الأولى نظر ما فعله المجتهدون .. ومن دقق النظر علم أنه لا يخرج شيء من علوم الله تعالى عن الشريعة .. إلخ " (3: 216) . وبمثل هذه المبتدعات صرفوا الناس عن الصلوات والطيبات والزاكيات التي نطق بها فم الرسول الطاهر صلى الله عليه وسلم ، وحرموا المسلمين الأجر الحقيقي ، واتباع الرسول ، إلى اتباع هؤلاء المبتدعين .
    التجانية لعلي بن أحمد الدخيل الله


    المبحث السادس: عمالة التجانية لأعداء الإسلام والمسلمين


    الذل واضح على أهل البدع عموما وعلى الرافضة والصوفية على وجه الخصوص, وللطرق الصوفية نصيب وافر في محاولة إذلال المسلمين وإذلال أنفسهم, ومن خلال هذه المذلة التي يتمتع بها أهل التصوف, تحولوا إلى عصا في يد المستعمر لا تعصاه, وأداة طيعة لا تقاومه, والكلام في أمر رجال الطرق الصوفية ومناصرتهم في كل زمن لأعداء الدين والمسلمين من المستعمرين في أقطار الأرض عامة, وشمال إفريقيا خاصة مما يحتاج إلى مؤلفات , ونحن: ندرك خطر كثير من رجال الطرق الصوفية على البلاد, فإنهم لا يتقاعسون عن تعاونهم مع الاستعمار إذا ضمنت مصالحهم المادية الخاصة, وهم علاوة على فهمهم فإنهم مستسلمون دائما للعدو, فلا يحركون ساكنا( , وموالاة الصوفية للكفار أكثر من أن تذكر, فهم أدلاء على عورات المسلمين لحساب الكافر المعتدي, وجواسيس لهم, ومودتهم للكافر وموالاتهم ومعونتهم ودعمهم الحسي والمعنوي له لا تخفى على ذي عينين, وقد تكاثر الصوفيون بين يدي المشركين التتار المحتلين لبلاد المسلمين وأعلنوا الارتداد من الإسلام, وقد عللوا فعلهم الخبيث هذا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرهم به لأن المسلمين قد عصوا الله تعالى فلا خير فيهم(( , وقد عملت التجانية في خدمة المستعمر الفرنسي, ففي خطاب تلي باسم شيخ الطريقة محمد الكبير في الجزائر سنة 1350هـ, سمى فيه أعداء فرنسا من المجاهدين السنة بالأراذل والأوباش الذين ينكرون الجميل, وقال عن فرنسا: إنها حملت عنا ما يثقل كواهلنا من أعباء الملك والسيادة, وحملت الأمن والثروة والرخاء والسعادة, ثم يفتخر بأن جده قد امتنع أن يقبل ألد أعداء فرنسا, ويعني به كبير المجاهدين في المغرب, ثم عدد أعمال أهل طريقته في سبيل خدمة فرنسا فقال: في سنة 1864م, أعنا فرنسا على احتلال مدينة بسكرة, وفي سنة 1870م, تزوج شيخ الطريقة بنصرانية كا ثوليكية هي مدام أورلي, وكان كما يقول أول مسلم جزائري يتزوج بأجنبية, وقد تزوجها على يد الكاردينال لا فيجري وعلى حسب الطقوس النصرانية, ثم خلفه أخوه عليها بعد وفاته, لهذا لقبت عند التجانيين بزوجة السيدين, وقد منحتها فرنسا وسام الشرف لأنها أدارت الطريقة التجانية كما تحب فرنسا وتهوى, وفي سنة 1894م, كتب شيخ الطريقة رسائل إلى أتباعه بالسمع والطاعة لفرنسا عند احتلال جيوشها لبلادهم, وفي سنة 1906- 1907م, أقام جاسوس الحاكم الفرنسي للجزائر في زاوية الطريقة لأداء مهمة سياسية, وكتب له شيخ الطريقة رسائل توصية إلى أتباعه ( , وفي الحرب العالمية الثانية استنكر شيخ الطريقة التجانية في رسائل لأتباعه حرب الخلافة العثمانية للمستعمر الفرنسي, ودفاعهم عن بلاد المسلمين, وفي سنة 1913م, ساعد مقدم الطريقة في السنغال على احتلال فرنسا لواحة شنقيط بناء على طلب شيخه, وفي سنة 1916م, كتب شيخ الطريقة أكثر من مائة رسالة لأعيان مراكش لمعاونة فرنسا, وفي سنة 1925م, كتب شيخ الطريقة إلى المقاومين للاحتلال الفرنسي في المغرب إلى إلقاء السلاح والخضوع لفرنسا , وقد كان الفرنسيون يشجعون هذه الطريقة وغيرها حتى أنهم أدخلوا معهم الطريقة التجانية إلى سوريا, غير أن مجاهدي المغرب كشفوا أوراق العملاء المتسترين باسم الدين من التجانيين الخونة لإخوانهم في سوريا, فهب الناس في دمشق وغيرها في مظاهرات صاخبة, ووزعوا المنشورات التي تفضح التجانيين وأنهم عملاء خونة مرتدون ومرتبطون بالمستعمر الفرنسي( , بل إن المستعمر الغربي الصليبي قد قام بتنشيط الدعوة إلى الطرق الصوفية, حتى قال الرئيس الفرنسي موريس دولافوس: لقد اضطر حكامنا الإداريون وجنودنا في إفريقيا إلى تنشيط دعوة الطرق الدينية الإسلامية لأنها كانت أطوع للسلطة الفرنسية, وأكثر تفهما وانتظاما من الطرق الوثنية (( , ولم تقتصر مناصرة النصارى في المغرب على التجانية, بل كل الطرق الصوفية كانوا خدما وأحذية للمستعمر الأجنبي ...., وقد كان الكناني الكبير شيخ الطريقة الصوفية في مراكش المغرب أشد الموالين لفرنسا, وكان يعادي من يعاديها ويوالي من يواليها, وفي سنة 1952م, نشرت جريدة آخر لحظة صورة أوريول (مسؤول فرنسي) وهو يمنح وسام الجيوت دونور للعميل الكنانيّ في قصر الإليزيه, وكذلك الغماري كان يتعاون مع الفرنسيين, وكم عانى المجاهدون من الغماريين ورؤسائهم( , والطريقة الختمية مرتبطة بالمستعمر البريطاني للسودان( , وكانت بريطانيا تدفع لمحمد الختم الميرغني شيخ الطريقة الختمية مخصصات شهرية( ( , وكان أصحاب الطرق الصوفية في سوريا لا يحركون ساكنا تجاه المستعمر الفرنسي للبلاد, بل كانوا يهرجون للفرنسيين بإقامة حفلات الرقص والدجل باسم الدين وكان الفرنسيون يشجعون هذه الطرق, ويشجعون الناس لينضموا إليها, حتى أنهم أدخلوا لسوريا الطريقة التجانية كما سبق ( ، وقد أصبحت الصوفية دهليز الكفر والزندقة خاصة بعد افتضاح الروافض وعدم قبول الناس منهم أيَّ شيء, بينما يزعم الصوفيون أنهم أهل السنة والجماعة, وأنهم أهل الله وأحبابه, ... هذه هي التجانية وهذا دينها ومعتقدها الذي تدين به وتعتقده, وصدق الله إذ يقول: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} [النور: 40]
    مجلة الحكمة – عبد العزيز بن عمر الغامدي - 285

    المبحث السابع: الانتشار ومواقع النفوذ



    - بدأت هذه الحركة من فاس وما زالت تنتشر حتى صار لها أتباع كثيرون في بلاد المغرب والسودان الغربي (السنغال) ونيجيريا وشمالي أفريقيا ومصر والسودان وغيرها من أفريقيا. - صاحب كتاب (التيجانية) علي بن محمد الدخيل الله يقدر في عام 1401هـ ـ 1981م عدد التيجانيين في نيجيريا وحدها بما يزيد على عشرة ملايين نسمة.
    الموسوعة الميسرة

    المبحث الثامن: حكم الشريعة فيمن يعتقد هذه العقيدة



    إن ما تقدم من بدع التيجانية قليل من كثير مما ذكره علي حرازم في كتابه (جواهر المعاني) و(غاية الأماني) وما ذكره عمر بن سعيد الفوتي في كتابه (رماح حزب الرحيم على نحور حأنا قليل أدب الرجيم) وهما من أوسع كتب التيجانية وأوثقها في نظر أهل هذه الطريقة.
    إن ما ذكر إنما هو نماذج لأنواع من بدع التيجانية تتجلى فيها عقائدهم وتكفي لمن عرضها على أصول الشريعة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحكم على كل من يعتقد هذه العقائد المبتدعة المنكرة:
    ونلخص فيما يلي جملة من عقائدهم:
    1- غلو أحمد بن محمد التجاني مؤسس الطريقة وغلو أتباعه فيه غلواً جاوز الحد حتى أضفى على نفسه خصائص الرسالة بل صفات الربوبية والإلهية وتبعه في ذلك مريدوه.
    2- إيمانه بالفناء ووحدة الوجود وزعمه ذلك لنفسه بل زعم أنه في الذروة العليا من ذلك وصدقه فيه مريدوه فآمنوا به واعتقدوه.
    3- زعمه رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، وتلقين النبي صلى الله عليه وسلم إياه الطريقة التيجانية وتلقيه وردها والإذن له يقظة في تربية الخلق وتلقينهم هذا الورد واعتقاد مريديه وأتباعه ذلك.
    4- تصريحه بأن المدد يفيض من الله على النبي صلى الله عليه وسلم أولاً، ثم يفيض منه على الأنبياء، ثم يفيض من الأنبياء عليه، ثم منه يتفرق على جميع الخلق من آدم إلى النفخ في الصور، ويزعم أن يفيض أحياناً من النبي صلى الله عليه وسلم عليه مباشرة ثم يفيض منه على سائر الخليقة ويؤمن مريدون بذلك ويعتقدونه.
    5- تهجمه على الله وعلى كل ولي لله وسوء أدبه معهم إذ يقول: قدماي على رقبة كل ولي، فلما قيل له: إن عبد القادر الجيلاني: قال: فيما زعموا قدمي على رقبة كل ولي، قال: صدق ولكن في عصره أما أنا فقدماي على رقبة كل ولي من آدم إلى النفخ في الصور، فلما قيل له: أليس الله قادراً على أن يوجد بعدك ولياً فوق ذلك؟، قال: بلى، ولكن لا يفعل، كما أنه قادر على أن يوجد نبياً بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لا يفعل، ومريدوه يؤمنون بذلك ويدافعون عنه.
    6- دعواه كذباً أنه يعلم الغيب وما تخفي الصدور وأنه يصرف القلوب وتصديق مريديه ذلك وعده من محامده وكراماته.
    7- إلحاده في آيات الله وتحريفها عن مواضعها بما يزعمه تفسيراً إشارياً كما سبق في الإعداد من تفسيره قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 19-20] ويعتقد مريدوه أن ذلك من الفيض الإلهي.
    8- تفضيله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة القرآن بالنسبة لمن يزعم أنهم أهل المرتبة الرابعة وهي المرتبة الدنيا في نظره.
    9- زعمه هو وأتباعه أن منادياً ينادي يوم القيامة والناس في الموقف بأعلى صوته يا أهل الموقف هذا إمامكم الذي كان منه ممدكم في الدنيا .. الخ.
    - زعمه أن كل من كان تجانياً يدخل الجنة دون حساب ولا عذاب مهما فعل من الذنوب.
    11- زعمه أن من كان على طريقته وتركها إلى غيرها من الطرق الصوفية تسوء حاله ويخشى عليه سوء العاقبة والموت على الكفر.
    12- زعمه أنه يجب على المريد أن يكون بين يدي شيخه كالميت بين يدي المغسل لا اختيار له بل يستسلم لشيخه فلا يقول: لم ولا كيف ولا علام ولا لأي شيء .. الخ.
    13- زعمه أنه أوتي اسم الله الأعظم، علمه إياه النبي صلى الله عليه وسلم ثم هول أمره وقدر ثوابه بالآلاف المؤلفة من الحسنات، خرصاً وتخميناً ورجماً بالغيب واقتحاماً لأمر لا يُعلم إلا بالتوقيف.
    14- زعمه أن الأنبياء والمرسلين والأولياء لا يمكثون في قبورهم بعد الموت إلا زمناً محدوداً يتفاوت بتفاوت مراتبهم ودرجاتهم ثم يخرجون من قبورهم بأجسادهم كما كانوا من قبل إلا أن الناس لا يرونهم كما أنهم لا يرون الملائكة مع أنهم أحياء.
    15- زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بجسده مجالس أذكارهم وأورادهم وكذا الخلفاء الراشدون .. الخ. إلى غير ذلك مما لو عرض على أصول الإسلام اعتبر شركاً وإلحاداً في الدين وتطاولاً على الله ورسوله وتشريعه وتضليلاً للناس وتبجحاً منهم بعلمه الغيب .. الخ . هذا ما تيسر والله الموفق.
    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عبد العزيز بن باز عبد الرزاق عفيفي, عبد الله بن غديان،

    السؤال السابع من الفتوى رقم (5553):
    س: ما هي عقيدتكم في طريقة التيجانية ورؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم يقظة ؟ج: الفرقة التيجانية من أشد الفرق كفراً وضلالاً وابتداعاً في الدين لما لم يشرعه الله. وسبق أن سئلت اللجنة الدائمة عنهم وكتبت بحثاً في كثير من بدعهم وضلالاتهم الدالة على ذلك، وأما دعوى بعض الصوفية أنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فشيء لا أصل له، بل هو باطل وإنما يرى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة حين يخرج الناس من قبورهم، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة)) .
    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عبد العزيأنا قليل أدبن باز, عبد الرزاق عفيفي, عبد الله بن غديان, عبد الله بن قعود,
    الطريقة التجانية حقائق وأسرار – اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


    فتوى للشيخ ابن باز عن الطريقة التجانية
    سئل الشيخ ابن باز عن الطريقة التجانية؟
    فأجاب قائلاً: الطريقة التيجانية لا شك أنها طريقة مبتدعة ولا يجوز لأهل الإسلام أن يتبعوا الطرق المبتدعة لا التيجانية ولا غيرها ، بل الواجب الاتباع والتمسك بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الله يقول {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [النور: 40], يعني قل يا محمد للناس: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ، ويقول عز وجل: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أولياء قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3], ويقول تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7], ويقول تبارك وتعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153], والسبل: هي الطرق المحدثة من البدع والأهواء والشبهات والشهوات المحرمة ، فالله أوجب علينا أن نتبع صراطه المستقيم وهو ما دل عليه القرآن الكريم ، وما دلت عليه سنة رسوله عليه الصلاة والسلام الصحيحة الثابتة ، هذا هو الطريق الذي يجب اتباعه ، أما الطريقة التيجانية أو الشاذلية أو القادرية أو غيرها من الطرق التي أحدثها الناس فلا يجوز اتباعها إلا ما وافق شرع الله منها أو غيرها فيعمل به ، لأنه وافق الشرع المطهر لا لأنه من الطريقة الفلانية أو غيرها للآيات السابقة ولقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21], وقوله عز وجل{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100], ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أخرجه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وصلاة الفاتح هي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكروا ولكن صيغة لفظها لم ترو عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قالوا فيها: اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق والناصر الحق بالحق .
    وهذا اللفظ لم ترد به الأحاديث الصحيحة التي يبين فيها النبي صلى الله عليه وسلم صفة الصلاة عليه لما سأله الصحابة عن ذلك ، فالمشروع للأمة الإسلامية أن يصلوا عليه عليه الصلاة والسلام بالصيغة التي شرعها لهم وعلمهم إياها دون ما أحدثوه .ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن كعب بن عجرة رضي الله عنه ((أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك فقال عليه الصلاة والسلام: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد)) ومن ذلك ما ثبت في (صحيح البخاري) و(صحيح مسلم) أيضا من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد)) وفي حديث ثالث رواه مسلم في (صحيحه) من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد)) فهذه الأحاديث وما جاء في معناها قد أوضحت صفة الصلاة عليه التي رضيها لأمته وأمرهم بها .
    أما صلاة الفاتح وإن صح معناها في الجملة فلا ينبغي الأخذ بها والعدول عما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان صفة الصلاة عليه المأمور بها مع أن كلمة الفاتح لما أغلق فيها إجمال قد يفسر من بعض أهل الأهواء بمعنى غير صحيح . والله ولي التوفيق .
    مجموع فتاوى ومقالات ابن باز – 6/356

    مراجع للتوسع:


    ـ الهداية الهادية إلى الطائفة التيجانية، الدكتور محمد تقي الدين الهلالي ـ دار الطباعة الحديثة بالدار البيضاء، ط. 2. 1397هـ ـ 1977م. ـ كتاب مشتهى الخارف الجاني في رد زلقات التيجاني الجاني، محمد الخضر ابن سيدي عبد الله بن مايابي الجكني الشنقطي ـ طبع بمطبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر. ـ التيجانية، علي بن محمد الدخيل الله، نشر وتوزيع دار طيبة ـ الرياض ـ دار مصر للطباعة 1401 هـ ـ 1981م. ـ الأنوار الرحمانية لهداية الفرقة التيجانية، عبد الرحمن بن يوسف الأفريقي ـ ط. 4، توزيع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة 1396هـ ـ 1976م. ـ جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس، التيجاني، وبهامشه رماح حزب الرحيم على نحور حأنا قليل أدب الرجيم، قام بجمعه علي حرازم (وهو في جزأين) مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، 1380هـ ـ 1961م. ـ المقتصد الأحمد في التعريف بسيدنا أبي عبد الله أحمد، أبو محمد عبد السلام بن الطيب القادري الحسيني ـ المطبعة الحجرية بفاس ـ طبع سنة 1351هـ. ـ الدرة الخريدة شرح الياقوتة الفريدة، محمد بن عبد الواحد السوسي النظيفي، طبعة 1398هـ ـ 1978م. ـ بغية المستفيد بشرح منية المريد، محمد العربي السائح ـ دار العلوم للجميع ـ 1393هـ ـ 1973م. ـ أقوى الأدلة والبراهين على أن أحمد التيجاني خاتم الأقطاب المحمديين بيقين، جمعه حسين حسن الطائي التيجاني، دار الطباعة المحمدية ـ القاهرة. ـ أعداد مجلة طريق الحق، وهي خاصة بالطريقة التيجانية ـ تصدر بالقاهرة. ـ الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، عبد الرحمن عبد الخالق، الطبعة الثانية ـ مكتبة ابن تيمية، الكويت.
    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty رد: الصوفية ونشأتها

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:18 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


    الفصل الرابع: الطريقة الرفاعية


    المطلب الأول: نسبة الطريقة الرفاعية


    تنسب الطريقة الرفاعية إلى أحمد الرفاعي بن سلطان علي، ويوصل أتباعه نسبه إلى موسى الكاظم بن جعفر الصادق إلى علي بن أبي طالب. ولد أحمد الرفاعي في قرية (حسن) بالقرب من أم عبيدة بالعراق 512هـ وتوفي سنة 578هـ ودفن في قرية أم عبيدة.
    الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق

    المطلب الثاني: سيرة الرفاعي من خــلال كتـب المؤرخين

    قال الذهبي في ترجمة الرفاعي: "الإمام القدوة، العابد، الزاهد، شيخ العارفين، أبو العباس أحمد بن أبي الحسن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة الرفاعي المغربي ثم البطائحي، وكان قدم أبوه من بلاد المغرب وسكن البطائح في قرية «أم عبيدة» وهي قرية من قرى واسط بالعراق. ثم توفي وأم أحمد حمل به . ونشأ في كنف خاله الشيخ منصور الزاهد الذي اعتنى به. وكان شافعيا تفقه قليلاً على مذهب الشافعي رحمه الله. قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: « ويقال إنه حفظ التنبيه في الفقه على مذهب الشافعي ".
    قال الذهبي: «وكان كثير الاستغفار عالي المقدار، رقيق القلب، غزير الإخلاص، وكان متواضعا يجمع الحطب ويجيء به إلى بيوت الأرامل. وكان يقول: «أقرب الطريق الانأنا قليل أدبار والذل والافتقار، تعظم أمر الله، وتشفق على خلق الله - وتقتدي بسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم». وكان لا يجمع بين لبس قميصين، ولا يأكل إلا بعد يومين أو ثلاثة أكلا، وإذا غسل ثوبه ينزل في الشط كما هو قائم يفركه، ثم يقف في الشمس حتى ينشف، وإذا ورد ضيف يدور على بيت أصحابه يجمع الطعام في مئزر.
    وقيل أحضر بين يديه طبق تمر، فبقي ينقي لنفسه الحشف يأكله، ويقول: أنا أحق بالدون، فإني مثله دون .
    وكان لا يقوم للرؤساء، ويقول: «النظر إلى وجوههم يقسي القلب» .
    توفي سنة ثمان وسبعين وخمس مائة في جمادى الأولى رحمه الله .ثم إن الذهبي قال في كتاب (العبر): «وكان إليه المنتهى في التواضع والقناعة ولين الكلمة والذل والانأنا قليل أدبار والإزراء على نفسه وسلامة الباطن ولكن أصحابه فيهم الجيد والرديء، وقد كثر الزغل فيهم، وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق: من دخول النيران وركوب السباع واللعب بالحيات، وهذا: «ما عرفه الشيخ ولا صلحاء أصحابه، فنعوذ بالله من الشيطان».
    الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص10


    المطلب الثالث: مؤلفات أحمد الرفاعي

    وقد نسبت إلى الرفاعي كتب ورسائل عديدة، فأما الكتب فنسب إليه كتاب (البرهان) المؤيد وكتاب (حالة أهل الحقيقة مع الله)، وهذان الكتابان يعتبران عند الرفاعية من أوثق ما نسب إلى الشيخ. فإنهم يقولون عنه: « هذا الكتاب الذي عز شأن سبكه عن المثيل، الذي جمعه من مجالس وعظه شرف الدين بن عبد السميع الهاشمي الواسطي، وقال شيخنا القوصي: ما قرئ هذا الكتاب - يعني البرهان المؤيد - على أهل مجلس إلا وظهرت لهم نفحات العرفان والإخلاص والتمكن ».
    أما كتاب (حالة أهل الحقيقة مع الله ) فإنه ليس له مستند يصحح نسبته إلى الشيخ أحمد رحمه الله، وإنما أكد أتباعه صحة نسبته إليه، وهذا الكتاب عبارة عن تعليقات على الأحاديث التي يأتي لها بأسانيد خاصة بأهل البيت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم تذكر في كتب الحديث كالبخاري ومسلم. ويظهر منه عدم التضلع في علم الحديث حيث أنه يذكر كثيرا أحاديث لم تصح مثل حديث (( من ولد له ولد فسماه محمدا كان هو ومولوده في الجنة)) وحديث: ((نظر الولد إلى والديه عبادة)) بل ويكثر أن يقول: (قال الله في بعض كتبه)
    ثم يعول على غرائب الإسرائيليات .وفي هذين الكتابين يميل إلى نقل حكم الصوفية وأقوالهم وقد ينقل من كلامهم ما لا يليق بالمسلم اعتقاده مثل تزهيد الناس في الجنة والنهي عن طلبها مثل أن ينقل عن إبراهيم قوله: «إلهي إنك تعلم أن الجنة وما فيها لا تزن عندي جناح بعوضة بعد ما وهبت لي معرفتك». وأن رابعة كانت تصف من يطلب الجنة أنه «أجير سوء». مع أنه يذكر أيضا نقيض ذلك في الكتاب نفسه .وكذلك ينقل فيهما دعوة المحبين إلى الرضا بالنار وحمد الله على الدخول فيها يوم القيامة لأنها من قضاء الله! مثل قوله: أن الله أمر جبريل أن يخبر أحد العابدين أنه من أهل النار فلما أخبره خر ساجداً يشكر الله ويقول: «لك الحمد يا مولاي على قضائك وقدرك حمدا يعلو حمد الحامدين». وكذلك ينقل عنهم الاستهانة بها مثل قول أحدهم: « إلهي لا تدخلني في النار فإنها تصير علي بردا من حبي لك» .وكذلك يتضمن مخالفات صريحة للتعاليم النبوية مثل أنه أورد حديثا لا صحة له يوبخ فيه النبي صلى الله عليه وسلم أحد الناس لأنه قبل ولده مع أن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم عأنا قليل أدب ذلك تماما .
    هذا ما وجدته في الكتابين غير أنه ليس باليد ما يؤكد صحة نسبتهما إليه والله أعلم. ولعله أن يكون من الصحيح أن لا تصح نسبة ذلك إليه رحمه الله .وهناك كتب أخرى جمعها المنتسبون إليه من بعده ككتاب (المجالس الرفاعية)، وكتاب (رحيق الكوثر) وكتاب (حكم الرفاعي). وذكر الزركلي بعضا من أبيات الشعر التي نسبت إليه وقال أن الصحيح أنها ليست له .ومهما يكن من أمر فإن هذه الكتب إن ثبت صحتها فإن فيها ما يضاد كثيرا من المبادئ السنية الصحيحة بما يتنافى واعتقادات من انتسبوا إليه من بعده ممن يستغيثون بغير الله، فإننا نجد في كتابه (حالة أهل الحقيقة مع الله) النهي عن الاستغاثة بغير الله مرات عديدة، فيذكر فيه مثلا أن الله غضب من أحد الزهاد لما أراد أن يستغيث بغيره وقال له: ((أتستغيث بغيري وأنا الغياث؟)). وكذلك كان موقفه من البدع أشد بكثير مما هو حال المنتسبين إليه اليوم، وكان يقول: «من لم يزن أقواله وأفعاله وأحواله في كل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره لم يثبت في ديوان الرجال».
    إذن فهذان الكتابان يظهران الرفاعي في شخصية تختلف تماما عن الصورة التي ترسمها كتب الرفاعية في ذهن القارئ .
    إننا نجد الرفاعي هنا ينهى عن الاستغاثة بغير الله وعن الابتداع في الدين مهما كان قليلا إلى درجة أنه يروي عن أحد السلف توقفه عن أكل البطيخ لأنه لم يرو له أن السلف أكله:
    فهل يتفق حاله هذا مع ما عليه المنتسبون إليه من بعده؟
    وهل التزموا ما كان يحث عليه من التقيد التام بالكتاب والسنة وترك بناء الدين على المنامات واستنباط أحكام الدين من المشاهدات المنامية وإن خالفت الأحكام الشرعية؟
    فلنتابع قراءة الفصول القادمة فإنها تحكي الجواب على ذلك
    الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص 11- 14


    المطلب الرابع: سيرة الرفاعي من خــلال كتـب التـصــوف


    ولد الشيخ أحمد الرفاعي رحمه الله في أول سنة خمس مائة.
    تختلف سيرة الرفاعي عند الرفاعية تختلف اختلافا كبيرا عما نجده من سيرته في كتب المؤرخين وما على القارئ إلا أن يتابع ما أنقله عن كتبهم ليتأكد من ذلك.
    - مولده وخلقته:
    لقد سرى بين الصوفية اعتقاد أن الأنبياء والأولياء خلقوا من مادة متميزة على المادة التي خلق منها البشر.
    فنجد عند السهروردي مثلا أن الطينة التي خلق منها البشر قد وطئتها قدما إبليس قبل أن يأخذها جبريل لتتكون منها المخلوقات. بينما الطينة التي خلق منها الأنبياء والأولياء لم تمسهما قدما إبليس فبقيت زكية نقية. وأما أرواح الأنبياء والأولياء فإنها تختلف أيضا عن طبيعة أرواح البشر كما يراه الإمام الغزالي، حيث يصف أرواح الأنبياء والأولياء بـ«الروح الأمرية» وأرواح باقي البشر بأنها «الروح البهيمية».
    وكانت هذه الأفكار مصدرا لباقي المتصوفة الذين غلوا في مشايخهم، حيث جعلوا لهم خلقة غير الخلقة المعهودة عند باقي البشر.
    فنجد محمد أبا الهدى الصيادي الرفاعي يجعل روح الشيخ أحمد الرفاعي مركبة من خلاصة أرواح الأنبياء بل من نور وجه الله عز وجل. فقد جاء في كتابه (قلادة الجواهر) أن الشيخ أحمد الرفاعي قال: « وحق العزيز سبحانه وتعالى: قبض العزيز جل جلاله من نور وجهه قبضة فخلق منها سيدنا المصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم فرشحت فخلقني منها» .وجاء في كتاب (الروض النضير) أن الله أمر كل نبي أن يعطي شيئاً من روحه إلى الشيخ الرفاعي، فأجاب الأنبياء ربهم إلى ذلك، وأعطى كل منهم شيئاً من روحه إلى الشيخ الرفاعي، فتكونت روحه من أرواحهم ومن روح جده المصطفى.
    وبهذه الأقاويل يعطون الشيخ الرفاعي ميزة في الخلق على عامة البشر ليكون من طينة الأنبياء والأولياء الخاصة. يلحقونه بمرتبتهم ويجعلونه مشابها لهم في الأحوال والأقوال والأفعال والمقامات
    الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص 15، 16

    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty رد: الصوفية ونشأتها

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:19 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


    المطلب الخامس: قصة نسب الرفاعي إلى آل البيت



    وقد نسب بعضهم الشيخ الرفاعي إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وألف الرفاعيون العديد من الرسائل والكتب لإثبات نسبته إليه صلى الله عليه وسلم وقد تزعم هذه الحملة محمد أبو الهدى الصيادي الذي لم يزل يذكر هذه النسبة في رسائله التي كتبها عن الرفاعي، وخصص لهذا الموضوع مؤلفات منها:
    1- كتاب (التاريخ الأوحد) للغوث الرفاعي الأمجد.
    2- كتاب (سلاسل القوم). وقد كان يقول: «الشيخ الإمام أحمد بن علي بن يحي بن ثابت بن حازم بن أحمد بن علي بن الحسن الملقب برفاعة بن المهدي بن محمد بن الحسن بن الحسين أحمد بن موسى بن إبراهيم المرتضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنه» .ومع القناعة التامة بأن النسب لا يقدم ولا يؤخر في صلاح المرء أو فساده فلا يجعل الرفيع وضيعا ولا الوضيع رفيعا، فإن مدار النجاة على الإيمان والعمل الصالح، غير أنني أجد ضرورة متابعة هذه النسبة للقناعة التامة أيضاً بأن الصوفية دأبوا على ربط من يعظمون من مشايخهم بآل البيت، وعلى وضع أنساب مكذوبة عليهم مثلما فعلوا في الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى حيث نسبوه إلى أهل البيت مع أنه من قبيلة «جنكي دوست» الفارسية . وهذا الاسم كما ترى أعجمي. فالشيخ عبد القادر رحمه الله فارسي الأصل بشثبري النسب. وقس على ذلك.
    وقد أنكر المحققون نسبة الرفاعي إلى أهل البيت، منهم بعض أهل الطريقة القادرية الذي كتبوا مصنفات ورسائل تبطل ما يدعيه الرفاعية من وجود أي صلة نسب بينه وبينهم. ومن ذلك كتاب (الفتح المبين فيما يتعلق بترياق المحبين) لظهير الدين القادري الذي نقل فيه عن العلامة شمس الدين ناصر الدمشقي أنه قال: «لم أعلم للرفاعي نسباً صحيحاً إلى علي بن أبي طالب، ولا إلى أحد من ذريته الأطايب، وإنما الذي وصل إلينا وساقه الحفاظ وصح لدينا أنه: أبو العباس أحمد بن الشيخ أبي الحسن علي بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة المغربي الأصل البطائحي الرفاعي، نسبه إلى جده الأعلى رفاعة، قدم والده أبو الحسن رحمة الله عليه من بلاد المغرب فسكن البطائح».
    وكذلك نفى عالم الأنساب «ابن طباطبا» هو وتلميذه ابن معية أن تكون للرفاعي أية صلة بأهل البيت منكرا أن يكون هنالك أبو القاسم محمد بن الحسن بن الحسين بن أحمد بن موسى». ونقل الصيادي عنهما قولهما:
    « وما رأينا ممن يملي النسب للحسين ذكر ولدا اسمه محمد أبو القاسم». ثم قالا: «ولم يذكر أحد من علماء النسب للحسين بن أحمد ولدا اسمه محمد، ولم يدّعِ السيد الرفاعي هذا النسب وإنما ادعاه أولاد أولاده».
    وكذلك تعقب علامة العراق الشيخ محمود شكري الألوسي، دعوى النسب الصيادي التي نافح عنها الصيادي مؤكدا على أن دعوى الانتساب إلى إبراهيم المرتضى من موسى الكاظم رضي الله عنه لا أصل لها. قال: «فقد نقل عن صاحب (مختصر عمدة الطالب) أن الشيخ أحمد الرفاعي لم يدع هذا النسب وإنما ادعاه البطن الثالث من ولده ويقولون: أحمد بن علي بن الحسين المهدي بن أبي القاسم بن محمد بن الحسين بن أحمد بن موسى بن إبراهيم المذكور. قال أبو نصر البخاري: لا يصح لإبراهيم المرتضى عقب إلا من موسى وجعفر، ومن انتسب إلى غيرهما فهو كاذب». وحتى الشيخ عبد الوهاب الشعراني الصوفي الذي لم يزل يذكر الرفاعي ومناقبه وأحواله فإنه لم يذكر هذا النسب، وإنما أورد عبارة توحي بالشك في صحة النسبة إلى أهل البيت، فإنه قال: «أحمد بن أبي الحسين الرفاعي منسوب إلى رفاعة قبيلة من العرب».
    وبالطبع لم ترض هذه العبارة الرفاعية فأبدى الصيادي تأسفه على كلمة: (منسوب) التي وردت في كلام الشعراني حتى قال: « وقد عاتبه بذلك الشيخ أحمد القليوبي في تحفة الراغب على ذلك فقال: فما أدري من أين أتى الشيخ رحمه الله بهذه النسبة ».
    ثم إن عامة المؤرخين أصحاب الطبقات ترجموا للرفاعي ولم يتطرق واحد منهم إلى ذكر نسبته إلى أهل البيت.
    فالسبكي ترجم للرفاعي في طبقاته ولم يذكر هذه النسبة. فإنه قال: «الشيخ الزاهد الكبير أحد أولياء الله العارفين والسادات المشمرين، أهل الكرامات الباهرة أبو العباس بن أبي الحسن الرفاعي المغربي، قدم أبوه إلى العراق... » انتهى.
    وكذلك الأمر بالنسبة لعامة المؤرخين كالذهبي وابن كثير وابن العماد وابن الأثير وابن خلكان، فإنهم ترجموا للرفاعي ولم يذكروا له نسبة إلى أهل البيت.
    مع أن من عادتهم أنهم إذا ترجموا لرجل من أهل البيت ولم يفصلوا ذكر نسبه أن يضيفوا على الأقل ما يدل على نسبته إليهم مثل أن يستعملوا عبارة: «الحسيني» أو «الحسني» أو «العلوي» مع اسمه. مثال ذلك قال الذهبي: « الإمام القدوة أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الهاشمي العلوي الحسيني» .بينما نجده يقول في ترجمته للرفاعي: «أبو العباس أحمد بن أبي الحسن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة الرفاعي المغربي ثم البطائحي، قدم أبوه من المغرب وسكن البطائح. وقد علل الصيادي غفلة المؤرخين عن ذكر نسبة الرفاعي إلى أهل البيت بأن عامتهم يعنون بالوقائع التاريخية لا على أنساب الرجال وفضائلهم. وأنكر بالتالي عليهم لإطالتهم ترجمة الكثيرين من الظلمة وأهل الدنيا المحجوبين وعدم تعرضهم لأعالي مقامات المشايخ ولا إلى أنسابهم. وما قاله غير صحيح، فإن عامة المؤرخين ذكروا نسب الشيخ الرفاعي كابن خلكان وابن الأثير وابن العماد وابن كثير والذهبي وابن الوردي والصفدي
    غير أن السبب الحقيقي لنقمة الصيادي عليهم لأنهم لم يذكروا نسبة الرفاعي إلى أهل البيت، وهم محقون في عدم ذكر ذلك لعدة أسباب:
    أولاً: لأنه لا يوجد ما يؤكد صحة هذا النسب.
    ثانياً: إذا كان مؤرخا صوفيا كالشعراني يبدي الشك في نسبة الرفاعي إلى أهل البيت مع تعظيمه له، فلماذا يلام غيره على عدم إثباته هذه النسبة ما دام أنها مشكوك بها عند الصوفية قبل غيرهم.
    ثالثاً: أن ما يذكره المؤرخ إنما يجب أن يكون موثوقا به لا شك فيه، وليس بوسع المؤرخ الثقة أن يعتمد الأقاويل والشائعات ويجمع المعلومات جمع حاطب ليل، ولذا فإن عدم ذكر هؤلاء هذه النسبة إنما يدل على أصالتهم وأنهم كانوا يتوثقون مما يدونونه في كتبهم. فهذا مما يبعث على الثقة بهم.
    وليس الاختلاف حول نسبة الرفاعي إلى أهل البيت فحسب، وإنما الاختلاف أيضا حول حصول العقب منه.
    فالعلامة شمس الدين ناصر الدمشقي يقول: «إن الرفاعي لم يبلغنا أنه أعقب كما جزم غير واحد من الأئمة المرضية» وعامة المؤرخين قد ذكروا بأن الشيخ لم يعقب وإنما العقب من أخيه. غير أن صاحب كتاب (النجوم الزواهر) يذكر أن الشيخ الرفاعي تزوج الصالحة الزاهدة «رابعة» أخت زوجته الأولى، وأعقبها السيد قطب الدين، وأن هذا الأخير تزوج في حياة أبيه وأنجب ولدا سماه «منصورا». وعلى العأنا قليل أدب من ذلك فالصيادي يذكر أن قطب الدين توفي في حياة أبيه ولم يكن قد تزوج حينئذ، ودفن في قبة جده يحيى النجار، وأن من تؤول نسبتهم إلى الرفاعي إنما هم من بنتيه زينب وفاطمة.
    - كيف يثبت الرفاعيون نسبة شيخهم إلى آل البيت:
    وبما أن الدليل الذي قدمه الصيادي وغيره لإثبات نسبة الشيخ الرفاعي إلى آل البيت لم يكن كافيا: راحوا يستعيضون عن ذلك بالرؤى والحكايات المنامية.
    فقد ذكر الصيادي في كتابه (المعارف المحمدية) أن الشيخ أبا الفضل الواسطي كان ينكر نسبة الرفاعي إلى السلالة النبوية، وأنه رجع عن ذلك بسبب رؤيا منامية لا تميل النفس إلى تصديقها، وفيها أنه رأى أن القيامة قد قامت، واللواء على رأس محمد صلى الله عليه وسلم وفاطمة بين يديه، والرفاعي عن يمينها. قال الواسطي: «وأنا على خوف عظيم، فدنوت من السيدة فاطمة واستنجدتها فأعرضت عني وقالت للشيخ الرفاعي: يا ولدي أحمد ما أعجب حال هذا الرجل، ينكر نسبك إلي ويستنجدني؟ والله لا نجدة له عندي إلا بواسطتك. فقال لي الرفاعي: أمي هذه أدرى بأولادها منك. فقالت السيدة فاطمة: الأدب الأدب مع السيد أحمد فإنه قطعة من كبدي».
    الدليل الآخر عندهم على ثبوت النسب: أن الرفاعي والجيلاني قالا ذلك والتأدب معهما يوجب تصديقهما من غير تردد ولا تثبت. فإن عدم تصديق ما قالوه من أنهم ينتسبون إلى أهل البيت قلة أدب في حقهم. والصحيح أنهما لم يثبت عنهما قول ذلك.
    قال محمد أبو الهدى الصيادي:«وقال رجل موصلي لشيخنا الشيخ عبد الرحمن جمال الدين الحدادي: يا سيدي إني رأيت بعضاً من كتب التاريخ سكت عن نسبة الشيخ عبد القادر الجيلاني وسكت عن نسبة السيد أحمد الرفاعي مع أنه عربي الأصل وأشهر منه بالسيادة، وقد قال بعض علماء فارس أن الشيخ عبد القادر «بشتبري» النسب وهكذا يقول بعض أهل بيته. فقال شيخنا قدس الله سره: أكفف يا ولدي عن الخوض واعلم أن من كتب التاريخ سكت عن نسبة الاثنين، إلا أن بعض الصوفية ذكر نسبة الشيخ عبد القادر حرصاً عليه لكيلا يطعن في نسبه من لا علم له لما اشتهر أنه من العجم ولما قيل فيه من أنه «بشتبري» النسب، والأصل الصحيح إنما هو رجل فاطمي لا ريب في نسبته إلى الجد الأعظم صلى الله عليه وسلم سكن أجداده فارس إلى زمانه .. وهذا ما يجب علينا اعتقاده، فإن الأولياء أعلم منا بالأدب الديني والواجب الشرعي، ولو لم تكن نسبته ثابتة الوصول إلى الرسول لما ادعاها قط. وأما ما ذكرته من شهرة السيد أحمد الرفاعي بالسيادة وكونه عربي الأصل والمنشأ فهو السبب الذي اعتمد عليه الصوفية وسكت عن ذكر سلسلة نسبه».
    فهذا النص يبين أن من أهم أدلة الرفاعية على نسبة شيخهم إلى أهل البيت كونه عربي الأصل. وهذا ليس بكاف وإلا لجاز لكل عربي أن يسيغ لنفسه إلحاق نفسه بالنبوة لمجرد عروبته.
    الدليل الثاني حسب النص أن الرفاعي ادعى هذه النسبة. وهذا ما اتفق المؤرخون على خلافه، فإنهم ذكروا أن الرفاعي لم يدع هذا النسب وإنما ادعاه البطن الثالث من أولاده
    الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص33- 39


    المطلب السادس: قصة مـد يـد النبي من خــارج قــبره




    ومما يستدل به الرفاعية على صحة نسب الرفاعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة مد النبي صلى الله عليه وسلم يده إلى الرفاعي .
    وتفصيلها: أن الله ناداه: قم يا أحمد وزر بيت الله الحرام وزر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرفاعي لربه: سمعا وطاعة .
    فسافر ومعه جم غفير إلى مكة ثم المدينة ووقف عند القبر وقال: السلام عليك يا جدي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام يا ولدي. فتواجد الرفاعي وقال:

    في حالة البعد روحي كنت أرسلها

    تقبل الأرض عني وهي نائبتي

    وهذه دولة الأشباح قد حضرت

    فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
    فانشق التابوت ومد النبي يده إلى الرفاعي ليقبلها أمام جمع كبير من الناس يزيدون على التسعين ألفا وكان من بينهم عبد القادر الجيلاني وعدي بن مسافر وحيوة بن قيس الحراني. واعتبروها حادثة متواترة يكفر منكرها ويصير خارجا من ملة الإسلام كما صرح الصيادي بذلك قائلا: « فخروج يد النبي صلى الله عليه وسلم لسيدي أحمد بن الرفاعي ممكن ولا يشك فيه إلا ذو زيغ وضلالة، أو منافق طبع الله على قلبه، وإنكارها يؤدي إلى سوء الخاتمة».

    - التعقيب على هذه القصة:
    إن مجرد تهديد منكر هذه القصة بكفره وسوء خاتمته إنما كان بسبب ضعف الدليل الذي يمكن أن يقدمه الرفاعية لإثباتها، وإلا فالقصة من أساسها لا تثبت والأدلة على عدم ثبوتها كالآتي:
    (1) أن أصحاب كتب وتراجم الصوفية الأوائل كالسبكي والشعراني وابن الملقن والمناوي لم يتعرضوا لذكر هذه الحادثة مع أنهم كانوا أقرب إلى عصر الرفاعي من المتأخرين كالصيادي، وليس من المعقول أن يحرصوا على جمع كل ما روي عنه فيروون قصة الجرادة والبعوضة ويهملون هذه الحادثة التي اهتزت لها بقاع الأرض على حد تعبير الصيادي .
    (2) أن المؤرخين - غير المتصوفة - كالذهبي وابن كثير وابن خلكان لم يتعرضوا لذكر هذه الحادثة إطلاقاً، ولو أنها وقعت حقيقة لتسابقوا إلى كتابتها. وقد ذكروا ما اشتهر به الرفاعيون من دخول النيران واللعب بالحيات وركوب السباع غير أنهم لم يتطرقوا إلى ذكر هذه الحادثة، الأمر الذي يبعث على الجزم بأن حبكها كان متأخرا عنهم.(3) أن رواة هذه الحادثة هم «الصوفية» الذين شهد الرفاعي نفسه بأنهم يكذبون على مشايخهم وأئمتهم، حيث قال: « واحذر الفرقة التي دأبها التفكه بحكايات الأكابر وما ينسب إليهم فإن أكثر ذلك مكذوب عليهم: وقال: «يا بني إذا نظرت في القوم الذين ادعوا التصوف وجدت أن أكثرهم من الزنادقة الحرورية والمبتدعة».
    وتصديقا لقول الرفاعي فإني أنقل عن الصوفية ما ورد في بعض كتبهم: - ذكروا أن إبراهيم الأعأنا قليل أدب أنشد شعرا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي: «بارك الله بك، أنت منظور بعين الرضا».
    - وأن الشيخ بهاء الدين الرواس الرفاعي وقف عند أحد القبور فخرج له إبراهيم صلى الله عليه وسلم من القبر وأعطاه ورقة مكتوب عليها هكذا (محمد1111).ويتضمن هذا الرمز مئات الأسرار من كتاب (الجفر). - وأن الشيخ علي أبو الحسن الشاذلي استأذن في الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع النداء من داخل الروضة الشريفة يقول له: « يا علي ادخل ». - وأن عبد القادر الجزائري وقف تجاه القبر وقال: «يا رسول الله: عبدك ببابك، كلبك بأعتابك، نظرة منك تغنيني يا رسول الله عطفة منك تكفيني فقال له الرسول: أنت ولدي ومقبول عندي بهذه السجعة المباركة». فمع ما أنه عليه الصلاة والسلام كان يكره السجع ويمقته ويصف أهله بأنهم « إخوان الكهان» إلا أننا نجده هنا يصف السجع بالمبارك !!- وأن الشيخ الشعراني قال: « ومما منّ الله علي: شدة قربي من رسول الله وهي المسافة بيني وبين قبره الشريف في أكثر الأوقات، حتى ربما أضع يدي على مقصورته وأنا جالس بمصر، وأكلمه كما يكلم الإنسان جليسه».
    وبهذا الزعم يصير الأمر مشاهدة عيانية لا منامية، وأي قيمة بعد ذلك لكتب السنة والحديث ما دام أنه صلى الله عليه وسلم حي حاضر مع هؤلاء، وهل يصير اجتهاد المجتهدين في استخراج الأحكام إلا هدرا للوقت؟ هلا طلبوا من الصوفية استفتاءه صلى الله عليه وسلم عنها توفيرا للوقت؟ وكيف يتفق أن يشتهر الصوفية بعدم الإلمام بالشريعة وبالحديث يخلطون بين الصحيح والموضوع من الحديث وبينهم رسول الله يحضرهم كلما شاؤوا ؟؟ - أن الصيادي ذكر أن إبراهيم المتبولي كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويتلقى أوامره المحمدية، وأن أبا العباس المرسي كان يراه صلى الله عليه وسلم ويرى الانحجاب عن رؤيته نقصا في مقام ولايته، وأن الشاذلي لم يكن طيلة حياته يفارق النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقسم على ذلك قائلا: «والله لو غاب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين». أن الصيادي ذكر أن أحد أعيان الطريقة (الشيخ جلال الدين) كان يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا في المنام، قيل له كم مرة رأيته يقظة؟ قال بضعا وسبعين مرة، فأيهما أعظم: من يستلم يد النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة أم من يجلس بجانبه يقظة ويحادثه أكثر من سبعين مرة؟ !! (4) أنهم زعموا أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم رؤي في الرؤيا أنه شد الرحال إلى قرية الرفاعي والكعبة تسير معه وقد قال: «ها أنا والكعبة زائرون، وجلس ينادي أهل القرى في طريقه أن يزوروا معه الشيخ أحمد الرفاعي. ثم تبين للراوي أن الرؤيا حقيقية فقام وذهب إلى قرية الرفاعي مشاركا موكب النبي عليه الصلاة والسلام والكعبة.
    (5) أنهم رووا عن الرفاعي أيضا أنه في العام الثاني زار القبر مرة أخرى. قال الصيادي: « ولما حج الرفاعي عام وفاته وزار قبر النبي الذي هو أفضل من الجنة بل من العرش والكرسي، أنشد قائلا:

    إن قيل زرتم بما رجعتم

    يا أشرف الرسل ما نقول

    فخرج صوت من القبر سمعه كل من حضر وهو يقول:

    قولوا رجعنا بكل خير

    واجتمع الفرع والأصول

    فالرفاعي نجده في كل مرة لا يخاطب النبي إلا بالشعر، والنبي لا يجيبه إلا بالشعر! لماذا لا يخاطبه بلغة القرآن من غير شعر ولا نثر ولا سجع؟ وهل نسي القوم قول الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ} [ يس: 69] ألم يعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبغض الشعر؟ عن قتادة: قالت عائشة: ((كان الشعر أبغض الحديث إليه)) . وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني والله ما أنا بشاعر وما ينبغي لي)) .
    (6) أنه يلزم من تكليم الرفاعي للنبي صلى الله عليه وسلم وإمساك يده عيانا أن يصير صحابيا، فينال شرف الصحبة. ولو قالوا بأنها كانت رؤيا لما لزم ذلك. لكنهم يصرون على أن الحادثة كانت يقظة لا مناما. (7) أن الرفاعية نقلوا عن الرفاعي أنه كان يحث المصلين على رفع الإصبع والإشارة به عند الصلاة مؤكدا على أن من فعل ذلك فإنه يمس به صدره الشريف. وأن من لم يفعل ذلك لا حصل على النبي ولا حصل له شيء من اليقين ولا علم كيف يصلي عليه.
    فما ميزة الرفاعي عن غيره من عامة الناس الذين يمسون كل يوم صدره الشريف وعند كل صلاة ! (Cool أن هذا العدد الهائل الذي ذكروه «تسعين ألفا» من الناس لا تتسع له المنطقة المحيطة بالمسجد برمتها، ولا يستطيع هذا العدد رؤية تقبيل اليد كلهم في وقت واحد وحتى لو وقفوا صفوفا طويلة لرؤية يد النبي صلى الله عليه وسلم لاستغرق ذلك أياما لكثرة عددهم الهائل، فهل بقي النبي مادا يده أياما أو على الأقل يوما كاملا ليراه هذا الحشد الهائل من الناس؟!
    (9) أنهم ذكروا في سياق القصة أن الرفاعي نودي من الحضرة العلية أن قم يا أحمد وزر البيت الحرام وزر قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال سمعا وطاعة. فإن أرادوا بذلك أن الهاتف هو الله تعالى فهذه إذن كرامة أعظم من مجرد تقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا لم يعيروها اهتمامهم ؟!
    (10) أن سياق الكلام الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ينفي أن يكون هذا من كلامه، مثل أن يقول للرفاعي: « البس الزي الأسود» وكذلك قوله: «فإن الله نفع بك أهل السموات وأهل الأرض»، فبماذا انتفع به أهل السموات ثم إنه لم يكن يرد السلام بصيغة المفرد «وعليك السلام» ولم يعهد عنه لفظ «يا ولدي» ولم يقلها للحسن ولا الحسين رضي الله عنهما.
    (11) ادعى الصيادي أن الشيخ عبد القادر الجيلاني كان موجودا وقت الحادثة. وقد أراد الصيادي من ذكر الجيلاني أن يجعل منه شاهدا على ما حدث، ولكن أين شهادة الجيلاني نفسه بذلك وهو لم يذكر في مصنفاته كالمغني والفتح الرباني شيئاً من ذلك ولا روى عنه أصحابه ولا مترجموه أنه شهد على ذلك، بل لم يعرف عنه أبدا أنه رافق الرفاعي إلى الحج. أن الصيادي يأتي لنا بشهود لم يشهدوا. إذ لن يستطيع الجيلاني بعد موته أن يكذب هذه الدعوى المنسوبة إليه.
    (12) أن هذين البيتين اللذين أنشدهما الرفاعي عند القبر منسوبان إلى غيره.
    قال الشيخ الألوسي: «إن كثيراً من أهل العلم والأدب نسب البيتين إلى غير الرفاعي. قال الشيخ صلاح الدين الصفوي في تذكرته: حكي أن ابن الفارض لما اجتمع بالشهاب السهروردي في مكة أنشده:

    في حالة البعد روحي كنت أرسلها

    تقبل الأرض عني وهي نائـبتي

    وهذه نوبة الأشباح قد حضرت

    فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
    قال: وممن نقل ذلك الشهاب الخفاجي في: كتابه (طراز المجالس).
    (13) أن المتصوفة قد اشتهر عنهم ادعاء مخاطبة الموتى والتلقي عنهم وكتبهم مشحونة بذلك. مثاله: أن أبا المظفر المنصور أنشد قصيدة عند قبر الشيخ الرفاعي فظهر صوت الرفاعي من القبر يقول له: وعليك السلام. وأن السيدة نفيسة - صاحبة الضريح - كانت كثيرا ما تكلم أحد المشايخ المتصوفة وهي في قبرها. وأن السيد أحمد البدوي أخرج يده من القبر ووضعها بيد الشعراني ليبايعه وكان من شروط المبايعة أن يكون تحت رقابة البدوي أينما ذهب فأقره البدوي وقال وهو في قبره «نعم». وهذه شبيهة بقصة مد النبي عليه الصلاة والسلام يده ليبايع الرفاعي حيث قال له: هذه البيعة لك ولذريتك إلى يوم القيامة.
    الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص40- 46


    المطلب الأول: استغاثـتـهم بالرسول صلى الله عليه وسلم و غلوهم فيه بلا حد





    أما بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم فالصيادي - والصوفية أيضاً - يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم هو علة الوجود وغاية كل موجود، ولولاه لما خلق الله الأكوان. ومع ذيوع هذه الفكرة بين المتصوفة فإنها تتعارض مع علة خلق الوجود التي صرح بها القرآن الكريم {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].وهي تصرف الناس عن معرفة السبب الحقيقي في خلق الله لهم، وهو تحقيق توحيد الله في العبادة. وهم يظنون أنهم بذلك يعظمون النبي صلى الله عليه وسلم ويرضونه ولا يدرون إنهم إنما يصرفون الناس عن معرفة الأصل الذي أرسله الله تعالى من أجله. يقول الصيادي في «نور الإنصاف» :«وليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو .. العلة الغائية لخلق الخلق ومعرفة الحق». وقد زعم أن مجرد تسمية الرجل «محمد» كاف في دخول الجنة وأورد لذلك حديثا لا أصل له وفيه: ((إنه ينادي يوم القيامة مناد: ألا من اسمه محمد فليدخل الجنة)) ويذكر الرواس الرفاعي أن هذا الاسم المحمدي «ممدود على صحائف الأكوان من أم زيق الأزل إلى حاشية ذيل الأبد». وأنشد الصيادي يقول :

    أنت الذي لولاك ما كان الورى

    ولغير فهمك سره مجهول
    وقال الواسطي :

    هو الذي خلق الله الوجود لـه

    هو الذي فضله جاءت به الكتب

    لولاه لم تكن الأكوان كائنة

    ولم يكن للورى نسك ولا قرب

    وأنت أرحم من لاذ المسيء به

    وخير من يرتجى أن جدت الكرب

    صلى عليك إله العرش ما طلعت

    شمس وأصبح نجم وهو محتجب

    وقد شعر الصوفية بتناقض فكرة ربط علة خلق الكون بمحمد صلى الله عليه وسلم مع فقدان هذه العلة بموته كما قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر :30]، حيث يعترض معترض ويقول: إذا كان الوجود مخلوقا من أجله فما قيمة هذا الوجود بعد موته ولأي غاية يبقى؟
    فقالوا حينئذ بحياته حياة كحياته التي كان يحياها قبل موته من أكل وشرب ورقابة على الأكوان وتحكم في العوالم العلوية والسفلية وهو في قبره. وأنه يخرج ويزور الأولياء والصالحين، ويقضي بنفسه حوائج المحتاجين، ويغيث المستغيثين به.وتتجلى حقيقة الشرك واضحة عند الصوفية من خلال البيت الشعري الثالث من هذا المقطع والذي يجعل فيه الواسطي النبي صلى الله عليه وسلم أرحم من يلوذ إليه المسيء وخير مرتجى عند حصول الكرب والشدة متناسيا بذلك أرحم الراحمين سبحانه، معرضا عن قول النبي نفسه ((تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) . وعن قول الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 67]، وقوله: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 64].جاعلين رسوله ندا له. ولذلك يجعلون الله تعالى في أحد أبياتهم الشعرية ثالث الثلاثة فيقولون :

    حسبنا الله والنبي وهذا الـ غوث حصنا عن الجبال الرواسي

    ناده لن تراع وأبشر إذا ما قلت غوثاه يا أبا العباس



    المطلب الثاني: حقيقة حياة النبي صلى الله عليه وسلم




    قال الصيادي: «وأما بشأن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حي في قبره، منعم متصرف كتصرفه حال حياته، متصرف - وهو فيه - بالعالم العلوي والسفلي. وهو حي سميع يأكل ويشرب ويتنعم. وأن أهل الكشف من خواص هذه الأمة انكشف لهم ذلك في العالم الروحاني لا الجسماني». وأكد على أن كل الأولياء من المتصوفة: « يرونه صلى الله عليه وسلم ويسمعون خطابه الكريم، وأن الفرق بين الولي وبين غيره هو سماع خطابه المبارك وعدمه.
    وبنى على هذا أن الاستمداد من الأموات أولى وأحرى بالإجابة من الاستمداد بالأحياء، وذلك لتصرفهم في قبورهم.قال: «وعلى هذا فالاستمداد من الأموات أسرع عندي لقضاء الحاجة.
    وهذا من قبس التشيع، فإن الشيعة يرجون من الأموات ما لا يرجون من الحي الذي لا يموت. وهو سم شركي دس في قالب تصوف يقتل التوحيد في النفوس ويجعلها تعتقد في غير الله ما لا تعتقده في الله.وانظر إلى آثار هذا الشرك في كلام الصيادي وأشعاره الذي يستغيث الله تارة ويسترحمه ويستعينه فيقول :

    رحيم فكن عوني وغوثي وراحمي

    ويا مالك ملك فؤادي بالذكر
    ثم يطلب الرحمة والعون والغوث من غيره فيسألها النبي نافيا أن يجد العون والنصرة من غيره قائلاً :

    رسول الرضى أدرك عبيدك بالبشرى

    تكرم تحنن جد تعطف أبا الزهرا

    علمتك يا مولاي ذخري وناصري

    وعوني في الدنيا وذخري في الأخرى

    وأنت عياذي والنصير وموئلي

    كفى بك يا سيف القضا ذخرا

    غوثاه يا سيد السادات خذ بيدي

    فلن أرى لي أعوانا وأنصارا

    ويقول :

    غوثاه يا مصطفاه انظر بمرحمة

    عصابة قد أضرتها خطاياها

    ويا أبا القاسم الغوث الغياث فقد

    ضاقت بنا الأرض أقصاها وأدناها
    ويلح على النبي صلى الله عليه وسلم ويسأله مزيدا من الرحمة والعون والحماية والنصرة فيقول :

    أنت الذي لولاك ما كان الورى

    ولغير فهمك سره مجهول

    يا روح كل الكائنات ومن به

    من غير شك يحصل المأمول

    يا غوث كل العالمين وهيكل الـ

    ـمدد المتين إذا ألم مهيل

    ها أنت نصرة عاجزٍ مثلي أتاك

    له ببكاء تلهف وعويل

    وارحم عبيدا حين يحشر في غد

    من غير حبك ما لديه فتيل

    وحماك رحماك الغياث فإنني

    ما لي وحقك عن حماك عدول

    فأغث بفضلك واكفني هم الزمان

    ففيك فيه على بنيه أصول

    وارحم إذا داعي الحساب دعا فأنت

    المرتجى والسيد المأمول

    واشمل بعطفك والدي وإخوتي

    وبني إذ بك للمراد حصول

    واعطف على أهلي وكل عشيرتي

    عطفا به عند الرجاء قبول

    ها أنت كالئا إذا الباغي بغى

    ولحفظنا يوم الكروب كفيل
    ويجعل منه روح ذرات الكون وأصل سر الوجود ويزداد إلحاحا في طلب الرحمة والعون منه فيقول :

    لولاه لم يكن الوجود ولا درى

    كل العبيد تفرد المعبود

    لولاه ما رفعت بقبتها السما

    ء ورصعت من أنجم بعقود

    هو روح ذرات العوالم كلها

    ذو المعجزات وذو اللوا المقصود

    أدعوك دعوة مستجير لائذ

    بعريض جاهك من جفا وصدود

    فلأنت غوث العاجزين وذخرهم

    ومجيرهم من وهدة التنفيذ

    يا خير من قصد العفاة رحابه

    وأتاه صاحب مقصد بقصيد

    ضاقت علي مذاهبي فامنن علي

    ضعفي بإحسان يغيظ حسودي

    وانظر بعين الرفق أنا قليل أدبري واكفني

    هم الزمان ووصمة التنكيد


    الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص137- 141

    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty رد: الصوفية ونشأتها

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:20 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

    المطلب الأول: الاستـغــاثـــة بــالــــرفــــاعي




    هذا الباب هو النتيجة والهدف الذي من أجله سطرت كل كرامات مشايخ الرفاعية وامتيازاتهم وخوارقهم، لقد سيق كل ذلك من أجل تقرير أنهم الأغواث الذين يلجأ إليهم المضطر، ويستغيث بهم الملهوف.
    فمن لا يملك التصرف في الأكوان كيف يرجى منه كشف الضر ورفع الكرب؟ فلذلك ذكروا أن مشايخهم يتصرفون في الأكوان.
    ومن لا يملك الكشف يكون غافلا عما يغيب عنه، فكيف يرجى منه سماع الاستغاثة فلذلك ذكروا أنهم يسمعون المستغيث بهم أينما كان.
    ومن لا يملك تغيير المقدور وغفران الذنوب كيف يرجى منه طلب ذلك؟ فلذلك ذكروا أن مشايخهم لهم صعود ونزول يصعدون إلى السماء ويحضرون ديوان الربوبية فيمحون من ذنوب مريديهم ما شاؤوا.
    ولعلي قبل الشروع في دخول هذا الباب أذكر القارئ المنصف الغيور على دين الله وتوحيده بآيتين من كتاب الله:
    (الأولى) {أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: ]21.

    (الثانية): {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]


    المطلب الثاني: الاستغاثة بالرفاعي في نظر الرفاعي


    إن الرفاعية قد جعلوا لشيخهم رتبة «الغوثية» وذكروا أن المظلوم يستغيث به، بل إن النعجة تستغيث به إذا انقض عليها الذئب وتناديه بلغتها: « يا سيدي أحمد ». وأن الرفاعي ما زال يرتقي من مقام إلى آخر حتى ارتفعت رتبته عن مقام «الغوثية» حتى صار هذا المقام ناقصا وقاصرا عن المقامات الأخرى التي تلته .بمعنى أنه صار منزها عن رتبة «غوث الثقلين» تلك الرتبة التي اعتادوا أن يصفوه بها من قبل. حتى قالوا بأنه ارتفع عنها إلى مرتبة النيابة عن النبوة وأن مرتبة النيابة عن النبوة أرفع وأجل من مرتبة الغوثية. قالوا: «ولهذا لما قال له أحد تلامذته: أنت القطب، قال له الرفاعي: نزه شيخك عن القطبية. فقال له حينئذ: أنت الغوث. قال له الرفاعي: نزه شيخك عن الغوثية». فهذا التنزيه عندهم إنما أراد به الرفاعي ترفعه عن هذين المقامين القاصرين الناقصين إلى ما هو أعلى منهما.


    المطلب الثالث: موقف الرفاعي من الاستغاثة بغير الله



    وهذا التأويل لا يفيده كلام الرفاعي من قريب ولا من بعيد، وإنما يقال بأن سبب إنكاره على تلميذه كائن في أنه يعتقد أن ذلك من خصائص الألوهية وأن وصف المخلوق بمثل هذه الصفة شرك. يؤكد ذلك قول الرفاعي: «إذا استعنتم بعباد الله وأوليائه فلا تشهدوا المعونة والإغاثة منهم فإن ذلك شرك».
    فهذا النص يفيد بوضوح أن الاستغاثة بالأولياء يعدها الرفاعي من الشرك المنافي للتوحيد، ولذلك اعترض على تلميذه حين وصفه بها.
    وزيادة على ذلك فقد كان الرفاعي يرى العكوف على قبور المشايخ والتبرك بها من الوثنية، وسمى القبر في مثل هذه الحالة «صنما» .قال: «يا سادة: لا تجعلوا رواقي حرما، ولا قبري بعد موتي صنما، عليكم به سبحانه، لا يضر وينفع ويصل ويقطع ويفرق ويجمع ويعطي ويمنع إلا هو».
    وهذا الكلام موجود في الكتب التي يشدد الرفاعي على صحة نسبتها إلى شيخهم والتي يذكر فيها أن الله يقول: «ما من عبد نزلت به بلية فاعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماء من يديه ووكلته إلى نفسه، وما من عبد نزلت به بلية فاعتصم بي دون خلقي إلا أعطيته قبل أن يسألني» .وأن عيسى صلى الله عليه وسلم قال: «طوبى لعبد سأل الله ولم يسأل إلا الله». وروي أن بعض الصالحين وقع في بئر، ومرت بجانب البئر قافلة فأراد أن يستغيث فهتف به هاتف «أتستغيث بغيري وأنا غياث المستغيثين؟». وأن الله تعالى قال لعبد من عباده: «لا تسأل غيري فأمقتك».
    هذا موقف الرفاعي من الاستغاثة بالمشايخ وملازمة قبورهم، وهذا هو موقف كبار أئمة الصوفية وعقلائها أمثال الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى الذي كان يشنع على المستغيثين المستعينين بغير الله فيقول في كتابه (الفتح الرباني): يا من يشكو الخلق مصائبه، إيش ينفعك شكواك إلى الخلق، لا ينفعونك ولا يضرونك، وإذا اعتمدت عليهم وأشركت في باب الحق عز وجل يبعدونك، وفي سخطه يوقعونك... أنت يا جاهل تدعي العلم، تطلب الخلاص من الشدائد بشكواك الخلق.. ويلك، أما تستحيي أن تطلب من غير الله عز وجل وهو أقرب إليك من غيره». وقال لولده عند مرض موته: «لا تخف أحدا ولا ترجه، وأوكل الحوائج كلها إلى الله عز وجل واطلبها منه، ولا تثق بأحد سوى الله عز وجل، ولا تعتمد إلا عليه سبحانه، التوحيد التوحيد، وجماع الكل التوحيد».


    المطلب الرابع: موقف أتباع الرفاعي من الاستغاثة بغير الله



    هذا هو مذهب الرفاعي والجيلاني رحمهما الله من الاستغاثة، فما هو يا ترى مذهب الرفاعية؟ فلنستعرض هذا الكم من الأبيات الشعرية التي نسقها محمد أبو الهدى الصيادي الذي كتب في الطريقة ما يزيد على الخمسين مصنفا. فمن ذلك ادعاؤه عن الرفاعي أنه قال :

    من لاذ فينا اكتفى عن غيرنا أبدا

    وجاء في ركبنا بالأمن من ندم

    فالجأ بأعتاب عزتي والتمس مددي

    وطف ببابي وقف مستمطرا نعمي

    ولازم الذل في شطحاء منزلنا

    تنجو بهمتنا من حالة العدم

    وليس يعقل أن يقول الرفاعي مثل هذا القول الشركي «من لاذ فينا اكتفى عن غيرنا» وهل يكتفى أويستغنى بالرفاعي عن الله تعالى الله؟ .ثم إن هذا لا يتفق مع ما حكوا عن الرفاعي أنه كان كلما طلب أحدهم الدعاء منه يقول له: «من أنا حتى أدعو لك؟ ما مثلي إلا كمثل ناموسة على الحائط لا قدر لها وكيف تدعوه نفسه إلى ذلك من هو لا شيء».
    قال الشيخ الآلوسي في غاية الأماني:
    «وقد تكلمت يوما مع أحد غلاة الرفاعية إذ استغاث بالرفاعي:
    فقلت له: هل يسمع الآن الرفاعي نداءك وهو في قبره في قرية «أم عبيدة» ويمدك بالمدد؟
    فقال: نعم .
    قلت: فإذا اتفق مثلك في بلاد كثيرة ومواضع متعددة ألوف مؤلفة في أقطار شاسعة، هل يسمعهم أحمد الرفاعي ويمدهم ويغيثهم ؟
    قال: نعم.
    قلت له: أرأيت إن كان كثيرون مثلك في بلاد أخرى متعددة يستغيثونه في نفس الوقت الذي تستغيث أنت فيه، هل يسمع نداءهم جميعهم في آن واحد ويغيثهم؟قال: نعم.
    فانظر كيف صار اعتقادهم في الرفاعي: أنه لا يشغله سمع عن سمع ولا يغفل عن أدعية الداعين واستغاثة المستغيثين ولو تعددوا واختلفت أمكنتهم في الوقت الواحد، فهذا بلا ريب إضافة صفات الخالق إلى المخلوقين !!وهذه مجموعة من أبيات الشعر التي قالها الصيادي، وقد تكون لغيره ونسبها إليه وهي تحوي في ثناياها أصنافا من الشرك والاستغاثة بالرفاعي وارتجائه وطلب المدد منه.يقول الصيادي :

    يا رفاعي وقعت في أعتابك

    فتدارك عبدا يلوذ ببابك

    يا رفاعي يا غوث كل البرايا

    لا تضيع طفلا جميل الرجا بك

    أنت غوث الوجود مفتاح كنز الـ

    ـوجود والخير سحٌ من ميزابك

    أنت حصن الملهوف والباذل الـ

    ـمعروف والعاجزون من أحزابك

    أنت باب الرسول من غير شك

    وأتينا نرجو العطا من بابك

    وأنا عبدك الذي باعتقاد

    علقت راحتاه في أثوابك

    فتحرك بهمة وأغثني

    وتذكر تشرفي بانتسابك

    رضي الله عنك أدرك فإني

    يا رفاعي وقعت في أعتابك
    ويقول :

    لك يا غوثاه تصريف الزمان

    حيث أنت المرتجى في كل آن

    أنت في بابك محراب الأمان

    فتداركني وأصلح سببي

    وأغث إنني في تعب

    ويقول :

    كل الأنام عيال

    عليك يا ابن الرفاعي

    يا بحر كل المزايا

    ويا مجيـب الدواعي

    ويقول :

    يا ابن الرفاعي تدارك

    لمن أتى واستجارك

    شيخ العريجا أغثني

    أصبحت في الحي جارك

    لا تلو طرفك عني

    إني أروم انتصارك

    يا أحمد الأصفياء

    يا وارث الأنبياء

    يا شيخ كل الوجود

    يا بحر فضل وجود

    يا ابن الرسول أغثني

    فقد تعاظم حزني

    فان تغاضيت عني

    يصبح عاري عارك
    ويقول :

    لذ بباب الجليل الرفاعي

    ولك الأمن من ملم الدواعي

    وتململ برحبه فحماه

    حرم الوصل قاطع الانقطاع

    فهو في العارفين كعبة بيت الـ

    وصل محراب جامع الانتفاع

    وملاذي وملجأي ونصيري

    ومغيثي ومنقذي من ضياع

    فعليه الرضا من الله ما صلى مصل

    وطاف بالبيت ساعي

    ويظهر من البيت الآتي مدى اعتقاد الرفاعية في شيخهم من الحماية والقدرة والضر والنفع حيث يرجون منه ما لا يرجون من الله تعالى.يقول الصيادي :

    يلاذ به إن جار في الدهر حادث

    ويحمى بعلياه إذا الزمن اعتدى
    ويقول :

    به أحتمي إن سامني غدر غادر

    ودوما إليه في الصعاب التجائيه

    ومن كل كرب أستغيث باسمه

    فذا مأمني من كل عاد وعادية

    وما لي سواه في الأنام وسيلة

    ولا منجدا أيام تسطو أعاديه

    وما لي له إذا جئت خائفا

    وقمت أؤدي في القيام حسابيه
    ويقول :

    غوثاه بالمصطفى وبالمرسلين وفي

    كل الصحابة أهل المجد والهمم

    أسرع وقم واكفني شر الزمان وجد

    عطفا بنظرة لطف تحي لي عدمي

    وانهض بهمتك العليا وقل حصل الـ

    ـمقصود صدقا وأسعف وارع لي هممي

    غوثاه يا ابن رسول الله خذ بيدي

    يا سيد الأوليا يا ثابت القدم

    ما لي لباب رسول الله واسطة إلاّك

    فاسمح وقل لا تخش من ندم
    ويقول :

    توسل يا أبا العلمين عن النبـي

    بنيل مأربي القصي

    لأنك يا رفاعي القوم غوثي

    وواسطتي لوالدك النبـي

    وأنت (ملاحظي) في كل حال

    فداركني وشيد أركان حبـي

    ويلاحظ في مقاطع الأبيات الأخيرة أن أبا الهدى الصيادي يدعو إلى اتخاذ الرفاعي وسيلة ليس إلى الله كما هو دأب الصوفية، بل إلى النبي، متوسلين إلى المخلوق بالمخلوق، متقربين بالرفاعي إلى النبي زلفى. وهذا شر وأشنع من شرك أهل الجاهلية الأولى الذين كانوا يتقربون بالمخلوقين إلى الخالق زلفى. وينقل عن محمد نور أفندي قوله :

    يا ابن الرفاعي الرفيع مقامه

    يا سيد الأقطاب والسادات

    شرفت قيعان العراق جميعها

    فغدت بقبرك مهبط البركات

    كم نظرة وجهتها لـمضيع

    فجمعت الأمر منه بعد شتات

    ولكم صرفت القلب نحو عويجز

    فرفعت رتبته إلى الغايات

    يا من يؤمل يوم كل ملمة

    يا من يؤم حماه للفضحات

    يا صاحب العلمين يا بحر الندى

    يا عمدتي أبدا وحصن نجاتي

    أدعوك غوثا يا ابن بنت محمد

    يا سيدي يا عالي الدرجات

    لا تقطعن رحمي لذنب مسني

    وأقل دائما بفضلك عثراتي


    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty رد: الصوفية ونشأتها

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:21 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


    المطلب الخامس: الاستغاثة بمشايخ الطريقة الرفاعية



    أما الاستغاثة بمشايخ الطريقة فمثاله قول خليفة الشيخ أحمد الرفاعي علي بن عثمان: «يا سادة، من كان له منكم حاجة فليلزمني بها، ومن شكى إلي سلطانه أو شيطانه أو زوجته أو دابته أو أرضه إن كانت لا تنبت أو نخلة لا تثمر أو دابة لا تحمل فليلزمني بها فإني مجيب له». ويذكر الصيادي قصة قوم في بيروت يستغيثون بالبدوي وهو في قبره في مصر، ويسألونه بحق النبي صلى الله عليه وسلم أن ينجيهم من قبضة الإفرنج الصليبيين يقول الصيادي: «وذكر أن جماعة من أهل بيروت أسرهم الإفرنج، فألهمهم الله أن يقولوا: يا سيدي أحمد يا بدوي: إن الناس يقولون إنك تأتي بالأسرى إلى بلادهم، وقد سألناك بالنبي صلى الله عليه وسلم أن تردنا إلى بلادنا. فمكنهم البدوي من الهروب من الإفرنج». وهذا يوضح حقيقة اعتقاد الرفاعية في الأموات من مشايخ التصوف وأنهم يفعلون ما لا يمكن للأحياء فعله. وقد ذكر الوتري أن من الأولياء أربعة يتصرفون في قبورهم كتصرف الأحياء تماما وهؤلاء الأربعة هم: الشيخ عقيل المنبجي والشيخ قيس الحراني والجيلاني والشيخ معروف الكرخي. وقالوا في هذا الأخير: قبر معروف الكرخي: « الترياق المجرب» وأنهم جربوه لقضاء الحوائج.
    ثم مما يلاحظ في قصة استغاثة الأسرى بالبدوي أنهم توسلوا إليه بحق النبي صلى الله عليه وسلم وهذا توسل إلى المخلوق بالمخلوق، وليس توسلا إلى الخالق بالمخلوق، وليس لله في ذلك ذكر ولا شأن عندهم .
    وهذه الرواية ذكرها الصيادي في كتابه (قلادة الجواهر). هذا الكتاب الذي قرظه كثير من علماء الشام ولبنان وأثنوا عليه مع ما فيه من أقوال الشرك.وروى النبهاني عن عامر العراقي أنه أتى الشيخ إبراهيم الأعأنا قليل أدب مودعا فقال له إبراهيم: «إذا وقعت بشدة فناد باسمي. قال عامر: ففي صحراء خراسان أخذتنا خيالة (قطاع طرق) فذكرت قول الشيخ وكان بجانبي رفقة فاستحييت من ذكر اسمه بلساني لأنهم «لا يفهمون مثل ذلك» فاختلج في صدري الاستغاثة به، فلم يتم ذلك حتى رأيته على جبل يومئ بعصا إليهم فجاءوا بجميع أموالنا». ولما مات الشيخ عبد الله البلتاجي زاره يوسف العجمي فضاعت حمارته في الطريق فجاء إلى قبر البلتاجي وقال له: «يا عبد الله رد علي حمارتي وإلا لم أعد أزورك. فطلع الشيخ عبد الله من القبر وأتاه بالحمارة من البرية وقال: يا يوسف إذا جئت لزيارتنا مرة أخرى فقيد حمارتك بقيد من حديد».
    ورأى أحد مريدي الشيخ عز الدين الصياد أن ينقطع عن مجلسه وتعذر له بأعذار عديدة. وفي إحدى الليالي رأى القيامة قد قامت وأنهم جاؤا به إلى جهنم، فلما قذفوه في النار صاح «يا شيخي» فمد شيخه عز الدين الصياد يده واجتذبه قبل أن يصل، وقد لفح النار ثيابه فاستيقظ مذعورا مرعوبا وقام لوقته ذاهبا إلى شيخه المذكور، فلما دخل عليه أكب «على رجليه» معتذراً، قال له شيخه عز الدين: «ولفح اللهب كما مس ثيابك مس جبتنا وصانك الله من النار». قال المريد: « لقد رأيت أثر لفح اللهب في ثيابي وفي جبة أكمام سيدي حيث صارت دخانا».
    علق الصيادي على هذه القصة قائلا: «وهذه الكرامة تشير إلى قوة تصرفه في البرزخ» أي تصرفه في اليوم الآخر وليس في الدنيا فحسب !!وبعد: فهذه نماذج من عقائد هؤلاء وهي في نظري تحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد الأوثان))
    والاتجاه إلى المخلوق عند الشدائد من الشرك والوثنية إذ ليس بالضرورة أن يكون الوثن ذاك الصنم الحجري. بل اتباع الهوى واستبداله بالشريعة وثنية أيضاً كما قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ }[الجاثية: 23] .
    الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص 127- 154 بتصرف


    المبحث الرابع: أنواع الكرامات المنسوبة إلى الرفاعي وإلى غيره من مشايخ الرفاعية »


    المطلب الأول: أنواع الكرامات



    يمكن تقسيم أنواع الكرامات المحكية في كتب الرفاعية إلى ثلاثة أنواع:

    1- قسم منها يتعدى مقام الألوهية مثل الإحياء والإماتة والتصرف في الأكوان بكلمة «كن» فيكون. وإبراء مريض ودفع مرضه لآخر وادعاء علم الغيب وتبديل القوانين الكونية ومحو الشقي إلى سعيد ومحو الذنوب من اللوح المحفوظ، كل ذلك سأنقله عنهم بأمانة تامة مع الإحالة إلى ذلك من كتبهم.

    2- قسم منها يحاكي النبوة ويتعدى مقامها، بل ويطعن فيها مثل قصة تعري سيدنا إبراهيم لأحد الرفاعية، ومثل ادعائهم أن أتباع الرفاعي يغوصون بحرا غرق فيه آلاف الأنبياء .. إلى غير ذلك مما سنراه .

    3- قسم منها يسخر من الكرامة ويهبط بها إلى عالم الخيال والخرافة جاعلا الأئمة الصالحين الزهاد: عرضة لنقد الآخرين وسخريتهم لا سيما من يصطادون في الماء العكر من أعداء المسلمين الذين يظهرون هذه الخيالات على أنها تمثل تعاليم الإسلام .
    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty رد: الصوفية ونشأتها

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:23 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


    المطلب الثاني: موقف الرفاعي من هذه الكرامات المحكية



    وثمة نقطة مهمة أشير إليها وهي أن الشيخ الرفاعي رحمه الله لم يكن خافيا عليه ما ينسبه المتصوفة إلى مشايخهم وأسيادهم، لذا فإنه لم يكن عجيبا أن يحذر أتباعه مما عهده عن المتصوفة من الكذب على مشايخهم حتى قال: «وأحذر الفرقة التي دأبها تأويل كلمات الأكابر والتفكه بحكايات وما نسب إليهم فإن أكثر ذلك مكذوب عليهم. وما كان ذلك إلا من عقاب الله للخلق لما جهلوا الحق، فابتلاهم الله بأناس من ذوي الجرأة السفهاء .. وسلط أيضاً أناساً من أهل البدعة والضلالة: فكذبوا على القوم وأكابر الرجال وأدخلوا في كلامهم ما ليس منه. فتبعهم البعض فألحقوا بالأخسرين أعمالا».
    هذه شهادة من الرفاعي نفسه تناقلتها كتب الرفاعية من بعده.
    ونتساءل: هل التزم الرفاعيون بما حذرهم منه شيخهم وهل احتذوا حذو الصوفية الذين تكلم عنهم الرفاعي رحمه الله ؟
    فلنذكر الحكايات التي نسبوها إلى شيخهم بالتفصيل وذلك لنتعرف على الجواب:
    - كن فيكون: هل تصير لغير الله تعالى ؟
    الولي المتمكن عند الصوفية يسمى «متصرفا في الأكوان» .والتصرف ليس له حد ينتهي إليه لا سيما وإنما الصوفي المتمكن يستطيع أن يحوز على كلمة « كن » التي يخلق الله بها الأشياء. فقد ذكروا أن الشيخ أحمد الرفاعي قال: « جاء في بعض الكتب الإلهية أن الله تعالى قال: « يا بني آدم أطيعوني أطعكم، وراقبوني أراقبكم، وأجعلكم تقولون للشيء: كن فيكون». وقد نقل عن أحد الصوفية قوله: « تركت قولي للشيء: كن فيكون تأدبا مع الله». .ونقل عن الرفاعي قوله: «وإذا صرف الله تعالى الولي في الكون المطلق: صار أمره بأمر الله تعالى: إذا قال للشيء كن فيكون»
    وصحيح أن الكرامة حق يجب على كل مسلم الإيمان به. أنها لا تبلغ حدا تصل فيه إلى ما لا يجوز في حق غير الله تعالى مثل كلمة «كن» التي يدعون أنها بحوزتهم وفي أيدي مشايخهم .

    - الإحيــاء والإمــاتــة: إحياء الموتى عند الصوفية من علامات التمكن في الولاية، فإنه مما ذكروه عن الشيخ الرفاعي أنه قال: «الولي المتمكن يحيي الموتى بإذن الله».
    ولنذكر قصة من القصص المنسوبة إلى الرفاعي ذكرها الصيادي في العديد من كتبه وفيها: « أن الشيخ الرفاعي خرج مرة مع تلاميذه إلى شاطئ الفرات فقام الشيخ شمس الدين محمد بن عثمان وسأله: يا سيدي: متى يصل المريد إلى مراده ويصير مرادا ويتصرف في الأكوان ؟
    فقال الشيخ: حتى يخرج عن نفسه ومألوفات حسه، ويترك جميع الشهوات المباحات وغيرها، ويصرفه الله تعالى في كون وجوده وعوالمه .. وإذا صرفه في الكون المطلق صار أمره بأمر الله تعالى: إذا قال للشيء كن فيكون.
    وإذا التفت إلى هذا النهر الجاري وقال لأسماكه: أجيبوا طائعين مطبوخين مشويين: يطلعوا بإذن الله ويطيعوه ولا يخالفون أمره .
    وكان في المجلس رجل كبير الشأن يقال له عمر الفاروثي فقال له: يا سيدي هذا الرجل الذي ذكرتموه لم يكن مخلوقا، بل ربا ثانيا !!
    فغضب الشيخ أحمد غضبا شديدا وقال: تأدب يا عمر. لا أفلح من كفر. حاشا وكلا أن يصل المخلوق إلى مرتبة الربوبية. بل لله أسماء وصفات، فإذا تخلق العبد بأسماء ربه وصفاته وتحقق بهما فينظر إليه الحق بعين قربه فيصير فعله من فعل ربه .
    والتفت الشيخ إلى النهر وقال: يا خلق ائتوني طائعين، واحضروا إلي مشويين لتأكل منكم الإخوان والحاضرون .
    فما استتم قوله حتى تراكمت عليه الأسماك من البحر ونطقت بلسان عربي فصيح: السلام عليك يا خلاصة خلقه. كل من لحمنا لنسعد بك يوم القيامة .
    فأخذ الشيخ من الأسماك وهي مشوية ووضعها بين أيديهم، وأتى لهم من عالم غيب الله تعالى بخبز طري ساخن رائحته تفوق المسك والعنبر، فأكل الشيخ وأكل القوم أجمعون وما بقي من الأسماك إلا العظام النخرة .

    [color:820e="rgb(255, 0, 255)"]- إحياء العظام النخرة:

    فقال السيد عمر الفاروثي: يا سيدي: ما علامة الرجل المتمكن المتصرف في كون وجوده ؟
    فقال الرفاعي: هو أن يقول لهذه العظام كوني سمكا كما كنت أولا بإذن الله تعالى.
    فما استتم كلامه حتى قامت وتناثرت سمكا حيا: شاهدة لله بالوحدانية وللنبي بالرسالة وبالسيد الرفاعي بالولاية العظمى». انتهىولقد بلغ من حب الأسماك له أنه كان كلما مشى على الشاطئ تخرج الأسماك من بطن البحر لالتماس بركاته وتزدحم على أقدامه الشريفة، وتسأله بحق الله أن يأكل منها . ورووا عنه أنه خرج مرة مع جماعته إلى البر فجاعوا فرأى الشيخ سربا طائرا من الأوز (البط) فأمرهم بالنزول حالا، فنزلت إحداهن بين يديه مشوية جاهزة، فأكلها رجل من رجال الغيب كان معه وما بقي إلا عظامها، فأخذ العظام ومرر عليها يده وقال: أيتها العظام المتفرقة الأوصال المنقطعة: اذهبي بسم الله الرحمن الرحيم. فذهبت وزة سوية وطارت في الجو ثانية .

    [color:820e="rgb(255, 0, 255)"]- الأسد يكلم الرفاعي بلسان فصيح الفصيح:
    وذكروا أيضاً أن الشيخ الرفاعي رأى أسداً يفترس شاباً وقد «خلع» كتفه من يده ومكث يأكله. فزجره الشيخ الرفاعي زجراً شديداً وقال له: يا خلق الله أما نهيتكم عن أذية الخلق الذين يمرون ببلادنا فنطق السبع وأتى إلى حضرة الشيخ مسلما عليه بلسان عربي فصيح قائلا له:
    «يا سيد السادات وصاحب الجود والكرامات: لي سبعة أيام ما أكلت شيئاً، وهذا الشاب أرسله الله لي رزقا مقسوما .فالتفت إليه الشيخ الرفاعي بنظر الغضب والجلال، فوقع السبع ميتا في الحال، فأخذ الشيخ ذراع الشاب ووضعها في مكانها وقال: بسم الله الرحمن الرحيم. ومسح عليه بيده المباركة فعاد كما كان أولا بل أشد وأقوى». وهذه القصة منسوبة إلى آخر غير الرفاعي وهو الشيخ عزاز بن مستودع البطائحي ذكرها النبهاني في جامعه. قال الصيادي: «وحكي أن الفقراء - أي الصوفية - كانوا يتواجدون فداسوا طفلا كان نائما فمات وترضرض حتى لم يعد يعرف ظهره من بطنه، فأحياه الشيخ بعد موته. وحكي أن أمير مصر صنع لأحد الرفاعيين ضيافة عظيمة وجعل أمامه طبقا فيه دجاجة فنظر إلى الطبق وقال: «سمعت سيدي الشيخ أحمد الرفاعي يقول: الولي المتمكن يحيي الموتى بإذن الله. ثم نظر إلى الدجاجة وقال لها: قومي بإذن الله. فقامت الدجاجة وشقت المجلس وخرجت.
    وكذلك حكي أن الشيخ محمد سراج الدين الرفاعي المخزومي قد مر بغلام يذبح شاة فلما رآه والشاة تختبط مذبوحة وقد قرب خروج روحها قال للذابح:

    يا واضع السكين بعد ذبيحه

    في فيه يسقيه رحيق لهاته

    ضعها بجرح الذبح ثاني مرة

    وأنا الضمين لـه برد حياته
    فأعاد الذابح السكين إلى الجرح، فانتفضت الشاة سليمة لا جرح فيها ولا ذبح .وجاء رجل إلى الشيخ عثمان بن وروزة البطائحي ومعه ثور ليدعو له بالبركة، فأمر الشيخ السباع واحدا تلو الآخر أن يأكلوا من ثوره حتى لم يبق من الثور قطعة لحم ثم أعاده الشيخ له سمينا أكثر مما كان ولم يتأثر بأكلهم إياه. وكان الشيخ أبو محمد الشبنكي جالساً على السطح وحده فاجتاز به أكثر من مائة طير واختلطت أصواتها، فقال: يا رب قد شوش علي هؤلاء. فنظر فإذا الكل موتى. فقال: يا رب ما أردت موتهم. فقاموا ينتفضون وطاروا.

    [color:820e="rgb(255, 0, 255)"]- نقل المرض من رجل إلى آخر:
    وبإمكان الولي عند الرفاعية دفع المرض من شخص وإصابة بريء به.
    فقد روي عن إبراهيم الأعأنا قليل أدب - ابن أخت الشيخ الرفاعي - أنه زار مريضا عليه جرب كثير، فشكى إليه المريض كثرة التألم بهذا المرض فالتفت الشيخ إبراهيم إلى خادمه وقال له: أتحمل هذا الجرب عن هذا الفقير؟ فقال: نعم يا سيدي. فقال الشيخ: قد حملته عنك وحملته هذا، فانتقل جميع ما كان على الرجل من الجرب إلى خادم الشيخ، وبقي جسد المريض الأول كالفضة البيضاء.ثم خرج الشيخ، وخادمه يشكو من الألم، فلما كانوا ببعض الطريق رأى الشيخ خنزيرا فقال لخادمه: قد حملت عنك هذا الجرب وحملته هذا الخنزير. فانتقل الجرب إلى الخنزير وعوفي الخادم. كذلك نقلوا عن الرفاعي أنه لمس بيده عين رجل مفقود منها ماء البصر فتنورت وصارت أحسن من السليمة وأقوى مع العلم بأن الرفاعي نفسه كان لا يرى إلا بعين واحدة كما ذكر الشعراني، وأن أعداءه كانوا يلقبونه بـ«الدجال الأعور». كذلك مسح على رأس امرأة قد تساقط شعرها فعاد كما كان ومسح بيده على أحدبية ظهرها فاستقام ورجع قويما كما كان.

    [color:820e="rgb(255, 0, 255)"]- دفع البلاء النازل من السماء: وقد ذكروا أن أحد تلاميذ الشيخ منصور البطائحي - خال الشيخ الرفاعي - رأى البلاء وهو نازل من السماء على العراق فاستأذن شيخه في أن يدفع هذا البلاء فأذن له الشيخ فما كان منه إلا أن أخذ قضيبا وأشار إلى السماء فتفرق البلاء واستطاع بمجرد تحريك العصا أن يرد قضاء الله النازل من السماء. وكذلك الشيخ أبو محمد الشبنكي الرفاعي: إذا مر البلاء من السماء من فوق بلدته: «الحدادية» فإنه يتمزق ويرتفع بفضله.

    [color:820e="rgb(255, 0, 255)"]- الـتـصرف في الأكـوان:
    التصرف في الكون عند المتصوفة أشبه ما يكون بالتفويض الإلهي للولي لفعل ما يريد في الكون ويصير متصفا بصفات الحق ومتميزا بميزات عديدة منها: ما نقل عن الرفاعي أنه قال: «والولي إذا أصلح سره مع الله تعالى: كلفه ما بين السماء والأرض، ثم لا يزال يرتقي من سماء إلى سماء حتى يصل إلى محل الغوث، ثم ترتفع صفته إلى أن يصير صفة من صفات الحق تعالى، فيطلعه على غيبه حتى لا تنبت شجرة ولا تخضر ورقة إلا بنظره». وزيادة على ذلك فإنه يكون له حماية خمسين فرسخا، ومائة فرسخ، وألف فرسخ .. ومنهم من يكون له حماية كذا وكذا سنة. ثم لا تزال ترتفع همته وترتقي رتبته عند الله، حتى تصير همته خارقة للسموات السبع، وتصير الأرضون السبع كالخلخال برجله، ويصير صفة من صفات الحق جل وعلا لا يعجزه شيء» .وقد جعل الرفاعيون هذه المرتبة للشيخ الرفاعي، فذكروا أنه كان قطب الأقطاب في الأرض، ثم انتقل إلى قطبية السموات، ثم صارت السموات السبع في رجله كالخلخال.

    [color:820e="rgb(255, 0, 255)"]المطلب الثاني: نماذج أخرى من تصرفات مشايخ الرفاعية وخوارقهم:
    ونبدأ بسرد ما روي عن الرفاعي: فيحكون أنه وقف مرة على شاطئ النهر وقال لأتباعه: «أعطاني الله التصرف في الأشياء كلها، ثم قال: سيري يا سفن وقف يا ماء، فأوقف حركة الماء حتى صار جماداً ومع ذلك أمر السفن بمتابعة المسير فسارت. ثم بدل الطبيعة الكونية مرة أخرى فأمر الماء أن يسير وأن تتوقف السفن فقال: سر يا ماء وقفي يا سفن. فسار الماء وجمدت السفن. ومثل ذلك فعل أبو علي الروأنا قليل أدباري حين أزعجه صوت الريح واهتزاز أغصان الشجر فنظر إلى الشجر فجمدت وبقيت الريح على سرعتها وقوتها. وأصدر الرفاعي أمراً إلى شجرة بالمجيء إليه بينها وبينه نهر الفرات، وأقسم عليها بذلك قائلا: «أقسم عليك بالعزيز سبحانه إلا ما أجبت دعوتي وأتيتيني طائعة، فانشقت الأرض، وانفلق البحر، وأتت الشجرة طائعة ناطقة بلسان عربي فصيح تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أنك شيخ الشيوخ على الإطلاق وشيخ أهل الأرض والسماء».

    ومن التصرفات في الطبيعة الكونية ما يروى عنه من أنه:
    - كان يصلي الصبح في مكة.
    - والظهر في المدينة.
    - والعصر في بيت المقدس.
    - والمغرب في بعلبك.- والعشاء في جبل «قاف»

    وذكروا أن الشيخ إبراهيم الأعأنا قليل أدب كان له خمسون ألف تلميذ، فقال أحد تلاميذه في نفسه: كيف يقدر هذا على تربية هؤلاء ومعرفتهم ؟ فاطلع الشيخ على ما أسره في نفسه وقال له: إن الله تعالى جعل قلوب الكل بيدي. ثم جمع أصابعه في الهواء وإذا بتلاميذه يهرولون من كل مكان حتى امتلأ المكان، ثم بسط أصابعه فرجع كل واحد منهم من حيث جاء. قال الصيادي: فانظر يا أخي إلى هذا التصريف العظيم .
    كفر ظاهر: إرادة الشيخ إبراهيم عندهم غلبت إرادة الله .
    وقد زعموا أن الشيخ إبراهيم هذا كانت إرادته تعارض إرادة الله في ملكه، وزعموا أن الله ناداه «سيدي إبراهيم» .
    فقد حكى محمد أبو الهدى الصيادي أن الشيخ أحمد الرفاعي قال لإبراهيم: «ناداني العزيز سبحانه وقال: إني أريد أن أخسف الأرض وأرمي السماء على الأرض، فقلت: إلهي من ذا الذي يعارضك في ملكك وإرادتك ؟قال: سيدي إبراهيم. فأخذته الرعدة ووقع على الأرض». وقد رووا عن إبراهيم هذا أنه كان يقول: « أعطاني ربي عز وجل التصريف في كل من حضرني، فلا يقوم أحد ولا يقعد ولا يضحك في حضرتي إلا وأنا متصرف فيه، فقال رجل من الحاضرين في نفسه: فها أنا أقوم وأقعد إذا شئت. فقطع الشيخ إبراهيم كلامه والتفت إليه وقال: انهض. فلم أستطع. ثم قال: يا بني ألم تعلم أن قلوب الخلق بين أيدينا كالمصابيح من وراء الستارة نشهدها رأي العين . وكان (على حد قولهم) ظاهر التصريف في البواطن والظواهر وكان إذا قال لأشد الناس خوفا من النار: اذهب إلى النار: لم يشعر بنفسه إلا في النار ويمكث فيها ما شاء الله ويخرج منها وما احترقت ثيابه، وكان إذا أحب رجلا لا يقدر ذلك الرجل على مفارقته ويجد باعثاً من نفسه يقوده إليه طوعا أوكرها. وذكروا أيضا أن الشيخ منصور البطائحي - خال الشيخ الرفاعي - حضر معركة بين جيش العراق وجيش العجم لم تقع بعد. فصفق بيده فتصادم الجيشان، ثم قبض اليد اليسرى وقال: هذه لجيش العجم. فظهر جيش العجم على جيش العراق. فلما بسطها ظهر الجيش العراقي وهزم الجيش العجمي هزيمة ساحقة. ويحكون عن الشيخ منصور أنه كان على قدر عظيم من التصريف فقد وصفوه بأن الله «أظهره للوجود، ووهبه المراتب المنيعة، وصرفه في الأكوان، وحكمه في الذرات، وألان له الصعاب، وأذل له الأسود، وجمع عليه القلوب، ونصبه قبلة للعارفين وكعبة للسالكين. ومن الجدير بالذكر أن نجد في كتب الرفاعية ما يفيد إدانة الرفاعي نفسه لهذا التصريف الذي يدعيه الرفاعيون لمشايخهم، فقد جاء في كتاب (الكليات الأحمدية) أن الشيخ أحمد الرفاعي رحمه الله قال: « قال بعض صوفية خراسان أن روحانية بن شهريار تتصرف في ترتيب جموع الصوفية: ذلك لم يكن إلا لله الوهاب الفعال. إن تصرف الروح لا يصح لمخلوق.

    - الرفاعية يعرجون إلى السماء ويمحون ما في اللوح الـمحفوظ
    يكثر كلام الصوفية عن عروج مشايخهم إلى السماء وحضور ديوان الربوبية ومخاطبة الرحمن والاطلاع على ما في اللوح المحفوظ، بل بلغ الأمر بالرفاعية أن زعموا أن من مشايخهم من يعرج إلى السماء ويمحو من اللوح المحفوظ ما يشاء .. ومثل هذا عن كتب الطريقة النقشبندية مثل قول الشيخ أحمد الفاروقي: «كثيراً ما كان يعرج بي فوق العرش المجيد، ولقد عرج بي مرة فلما ارتفعت فوق العرش بقدر ما بين مركز الأرض وبينه رأيت مقام الإمام شاه نقشبند» إلى أن قال: «واعلم أني كلما أريد العروج تيسر لي». على أننا نجد مثل ذلك بين كتب الرفاعية أيضاً. فقد ذكر أن الشيخ الرفاعي قال: « أيها الفقراء: الشيخ عثمان السالم أبادي قدس الله سره يصعد كل يوم عند غروب الشمس إلى ديوان الربوبية، وينظر ديوان ذريته: فما يجد من سيئة يمحوها ويكتب «عوضها» بلا معارضة. ثم التفت إلى ابن أخته - إبراهيم الأعأنا قليل أدب - وقال له: يا إبراهيم لا يكون الرجل ممكنا في سائر أحواله حتى يعرض عليه عند غروب الشمس جميع أعمال أصحابه وأتباعه وتلامذته فيمحو منها ما يشاء ويثبت فيها ما يشاء». قال: وأما سيدي حمزة قدس الله سره فرجل عظيم المنقبة، علي المرتبة، من كان له حاجة فليقصده يوم الأربعاء ،فإنه يحضر ديوان الربوبية ويقضي الحوائج .وأما سيدي الشيخ منصور قدس الله سره فإنه لم يزل في السماء مثل الدلو في حوض البئر، له صعود ونزول، يقضي حوائج الناس وحوائج ذريته وأصحابه إلى يوم القيامة». يتابع الرفاعي فيقول:سيدي منصور صاحب طريق عجيب وسر غريب، لأنه كان يقول في أكثر أوقاته: قال لي العزيز سبحانه كذا وقلت للعزيز سبحانه كذا وقال لي ربي وقلت لربي»

    [color:820e="rgb(255, 0, 255)"]- تحويل الشقي إلى سعيد: وزيادة على ما يعتقده الرفاعية في مشايخهم من الإحياء والإماتة والمنع والإعطاء كما تجد مثل ذلك في شخص السيد عبد الرحيم الرفاعي شقيق علي بن عثمان خليفة الرفاعي.
    فإنهم يعتقدون فيهم أن بإمكانهم محو ما يشاؤون من السيئات وإثبات ما يشاؤون في اللوح المحفوظ، بل وتغيير الشقي إلى سعيد وبالعأنا قليل أدب.ولقد رووا عن الشيخ أحمد الرفاعي أنه كان يقول: «كل شيخ لا يغير صفات تلميذه ويكتب الشقي سعيدا فما هو عندنا برجل». ورووا أنه دخل على الشيخ الرفاعي رجل مكتوب على جبهته سطر الشقاوة فمحاه

    [color:820e="rgb(255, 0, 255)"]- الطبيعة تتبدل من أجلهم:قال الصيادي: « ثبت بين السادة الرفاعية أن وقفت الشمس في قرصها للسيد قطب الدين أحمد كي لا تفوته صلاته. فلما وصل إلى قرية «أم عبيدة» توضأ وصلى لوقته فسقطت الشمس غائبة لوقتها». ولا تتوقف الشمس أيضاً عن الحركة من أجل أحد مشايخ الرفاعية، بل إنها تنكسف لموت أحدهم أيضا كما صرح بذلك الصيادي والنبهاني وغيرهما، حيث ذكروا بأن الشمس كسفت لموت إبراهيم الأعأنا قليل أدب. وهذه مخالفة صريحة لا يغفل عنها عالم ولا جاهل، فمن منا يجهل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينأنا قليل أدبفان لموت أحد ولا لحياته)) وكذلك تتزحزح الجبال بمجرد إشارة من أحدهم وهو الشيخ عقيل المنبجي الملقب بـ «الطيار» لكثرة ما كان يطير في الهواء وتتفجر الصخرة عيونا من الماء بوكزة منه.ويسأل عقيل هذا عن علامة الرجل المتمكن، فيقول بأن علامته: أنه لو قال لهذا الجبل تحرك لتحرك. قال: فتحرك الجبل.

    وهذه مواصفات وقدرات خارقة عديدة تجتمع في أحد مشايخ الطريقة وهو الشيخ عبدالله بن نجم الدين مبارك الصيادي الرفاعي الذي كان يثني على نفسه قائلا: «منذ عامين وأنا أتلو سطور القربى، وأتقلب على بساط الصديقية الكاملة، وتحف حضرتي أقطاب الشرق والغرب ويجيئني الخضر، وأرى النبي صلى الله عليه وسلم «عيانا» وأتلقى عنه عليه الصلاة والسلام الأوامر الخاصة وتخدمني الهوام، وأفهم لغات الطيور والوحوش، وأسمع تسبيح الجمادات، وتمر بي حوادث الأكوان، ويرهب مكانتي الزمان، وتساعدني الأقدار بكل ما أروم ويبشرني الوارد المحمدي بالترقيات والقبول، وتسلم علي الأبدال، وتتضرع بي الأنجاب، وتنكشف لي عوالم البراري والبحار»
    فهذا الرجل لم يؤت ما أوتيه سليمان عليه السلام فحسب، وإنما أوتي ما أوتيه الأنبياء جملة واحدة، وربما ما لم يؤتوه أيضاً. ومما يحكى عنه من الكرامات أن أبا بكر الدينوري سمع الصوفية يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث ))من أكل مع مغفور له غفر الله له)) ، فلم يصدق به فسأل النبي صلى الله عليه وسلم في المنام عن درجة هذا الحديث فقال له: أنا قلت هذا الحديث، وغدا تأكل مع مغفور له ويغفر الله لك .وفي اليوم التالي أخذ نجم الدين لقمة وقال له: « كل يا أخي أبا بكر، صدق سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل مع مغفور له غفر الله له، وأنت مغفور لك».
    فالرجل لم يتحقق من الحديث بالرجوع إلى رجاله ورواته وإنما بالتحقق من النبي صلى الله عليه وسلم شخصياً، وهذا مشهور عند الصوفية أنهم ربما سألوه في الرؤيا عن الحديث الموضوع فيقول لهم أنا قلته، وربما سألوه عن الحديث الصحيح المتواتر فيقول: لم أقله فيعتبروه حينئذ موضوعا وإن رواه البخاري ومسلم. بمعنى آخر أن لهم إسناد خاص وحكم خاص على الحديث يأخذونه عن النبي مباشرة لا على الطريقة التي مضى عليها أهل الحديث كالبخاري ومسلم وغيرهما .ثم قد ذاع عند المتصوفة أيضا دعوى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم عيانا يقظة لا مناما، كما في نص الشيخ نجم الدين «وأرى النبي عيانا» وكما في ادعاء الشيخ جلال الدين الرفاعي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بضعا وسبعين مرة. والذي ألف كتابا جمع فيه من اجتمعوا به يقظة وأسماه: تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك.
    وهو قول لا يسلم من الزامات عديدة، منها:
    أن يصير الذي يراه يقظة «صحابيا» .
    أن يصير زائر قبر النبي صلى الله عليه وسلم إنما يزور قبراً خالياً. أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم متنقلا تارة هنا وتارة هناك إذ أن مدعي رؤيته عيانا كثيرون بل منهم من يزعم رؤيته كل يوم بل كل ساعة، وقد بلغ الأمر بأحدهم أن ادعى أنه لو غاب عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عد نفسه من المسلمين. على أنهم ذكروا أن أبا الفضل الواسطي كان يعرف أيضا لغة الحيوانات والطيور ويذكر جميع أحوالهم وما هم عليه في البر .

    - الـطعـــن بالأنــــبيــاءلقد كنت من خلال استعراضي لسيرة الرفاعي من خلال ما كتبه عنه الرفاعيون أنهم يحاكونه بالنبي صلى الله عليه وسلم وببعض ما جرى له مثل حادثة شق الملائكة لصدر الرفاعي، ومثل التلميح من وقت لآخر بعصمته، بل إنهم يدفعون أولياءهم دفعا إلى مرتبة النبوة حتى إنهم ليعتقدون فيهم أنهم الأولياء الكمل الذين هم في غالب أمورهم لا يعمل عملا إلا عن إذن سماوي . ولا يختلف الإذن السماوي عن الوحي السماوي إلا في العبارة .

    [color:820e="rgb(255, 0, 255)"]- إبراهيم عليه السلام يتعرى !
    وقد قالوا على سيدنا إبراهيم عليه السلام بهتانا عظيما فزعموا أنه صلى الله عليه وسلم تعرى ليكشف الشيخ إبراهيم الأعزب عن أعضائه .جاء ذلك في كتاب (روضة الناظرين) الذي ذكر أن إبراهيم الأعزب سئل عن حال الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم فذكر مجموع صفاته وكيفية أعضائه. فقال رجل: «من أهل العلم»: ما قاله السيد إبراهيم في شأن الخليل ما وجدناه في كتاب وما نقل عن أحد. فسمع إبراهيم الأعأنا قليل أدب قوله فتبسم وأشار بيده إلى نحوه فنظر الفقيه إلى ذلك المكان فصرخ صرخة ووقع مغشيا عليه. فلما أفاق قال: رأيت الخليل صلى الله عليه وسلم وقد تعرى ليرى أعضاءه السيد إبراهيم». ولقد أثنى الصيادي على الشيخ الرفاعي بأبيات قال فيها :

    برقعتك العناية الإلهية

    يا رفاعي بالبرود السنية

    لم نقل أنت في مقامك معصو

    م ولكن حفظا هجرت الخطية

    أنت زيتـونة كريمة أصل

    لا شرقية ولا غربية

    أنت فرد الأغواث يا نبوي الـ

    خلق والخلق يثبت الفردية
    ثم زعم أن الرفاعي منزه عن مرتبة الغوثية لأنه نال ما هو أعلى وأجل منها وهي رتبة النيابة عن النبوة.
    وهذا طعن بالألوهية والنبوة معا. فإن الله هو غياث العباد ومددهم وكشاف كروبهم ولا ينزه عن ذلك، وليست مرتبة النبوة بأفضل من تلك فضلا عن أن تكون النيابة عن النبوة أفضل من غوثية الله تعالى .
    ومن صور استهزاء الرفاعية بالأنبياء ما رووه عن الرفاعي أنه قال لأتباعه: « يا سادة: هذا البحر الذي أنتم تغوصون فيه: غرق فيه وفي ساحله مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي. ومائة ألف وأربعة وعشرون ألف ولي. ومثلهم صديقون ما وجدوا له قراراً وحارت فيه أفكارهم، وضاعت فيه أوهامهم، وذهبت فيه عقولهم.

    avatar
    البتار
    مدير المنبر
    مدير المنبر


    عدد المساهمات : 60
    نقاط : 119
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 02/10/2009

    الصوفية ونشأتها Empty رد: الصوفية ونشأتها

    مُساهمة من طرف البتار الأحد نوفمبر 08, 2009 2:24 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


    المطلب الثالث: نمــاذج مـن كشـوفــات مشـايخ الرفـاعيـة

    ذكر الصيادي أن من كرامات الشيخ بهاء الدين الرواس الرفاعي: « أنه كان يتكلم على خواطر أصحابه ومريديه كما في صدورهم. واعترض أحد المريدين على الشيخ إبراهيم الأعأنا قليل أدب (ابن أخت الشيخ أحمد) فعرك الشيخ إبراهيم أذنه وزجره عن أسرار الإنكار عليه وقال له: «ألم تعلم أن قلوب الخلق بين أيدينا كالمصابيح من وراء الستارة نشهدها رأي العين» وكذلك أسر أحد مريدي الشيخ عثمان بن مروزة البطائحي في نفسه الاعتراض على شيخه في قلبه فقال له الشيخ عثمان: «ألم تعلم أني أعلم ما في قلبك». وكان الشيخ عبد الحافظ بن سرور الرفاعي له قدرة على إبداء ما في النفوس، ومحبة مريديه تزيد في إيمانهم. ونظرته تصلح قلوبهم. وذكر أن الشيخ علي أبو الفضل الواسطي يعرف لغات الطيور والحيوانات .. وكان يتكلم على الخواطر ويكشف الأسرار، ونظرته أيضا تصلح القلوب.
    وكشف الصوفية يحصل لغيرهم من غير المسلمين أيضاً كالكهان فإن الشياطين يكشفون لأمثالهم أخبارا غائبة عنهم وهي بذاتها ليست من علم الغيب فيظن الجاهل أن ذلك كشفا من عند الله تعالى. وقد صرح بذلك بهاء الدين الرواس فقال: «ومما لا يلتفت إليه سماع هاتف يشير إلى أمر غيبي .. وقد يكون ذلك الهاتف لا من هواتف الحق بل هو من هواتف الشياطين».
    ويصف الصيادي ابن عمه المهدي الرواس في أبيات من الشعر فيقول:

    بمكنون الغيب حوى إطلاعا

    تراه بكل آتيه خبيرا
    أما الشيخ أحمد الرفاعي نفسه فقد ذكروا أن مغنيا كان يغني للصوفية، فتواجدوا وطربوا، وكان بينهم أحمد الرفاعي صغيرا، فخسف أحمد الدف، فأنكروا عليه فقال لهم: « اسألوه عما خطر بباله. فاعترف المغني أنه لما رآهم على هذه الحالة من التمايل تذكر أنه كان البارحة مع قوم فشربوا الخمر حتى تمايلوا كتمايل المشايخ الصوفية، فخطر في باله أن هؤلاء كأولئك».

    الكشف عن علوم المستقبل ومرض الشيخ أبو زكريا العسقلاني مرضاً شديداً حتى ظن أنه ميت لا محالة، فقال له الشيخ إبراهيم الأعأنا قليل أدب: «أنت لن تموت في هذه المدة، قد بقي من عمرك زمان طويل. وعاش الرجل بعدها خمسين سنة».
    أما الشيخ رجب الصيادي الرفاعي فكان يتنبأ بمن يأتيه من الزوار فيقول: « الآن بعد ساعتين أو قبيل المغرب يجيء إلينا ضيف شكله كذا وثيابه كذا وفرسه كذا وهو من القبيلة الفلانية، ومعه لنا هدية كذا. فيكون كما يقول بلا اختلاف حرف واحد».
    الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص72- 74


    المطلب الرابع: الرفاعي وعقيدة ختم الولاية


    وذكر محمد أبو الهدى الصيادي أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر على أبي منصور البطائحي - خال الشيخ الرفاعي - وبشره أن الله سيرزق أخته بولد يأتي من بعده اسمه أحمد الرفاعي. يكون رأسا في الأولياء كما أنه صلى الله عليه وسلم رأس في الأنبياء. كذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشيخ علي الواسطي أن يعتني بالرفاعي، وأكد له بأنه: كما هو صلى الله عليه وسلم رأس في الأنبياء فكذلك يكون الرفاعي رأسا في الأولياء، وحذره من مغبة إهمال وصيته في الرفاعي لأن شأنه عند الله عزيز.
    وقد ضرب الصيادي مثلا لتفضيل الرفاعي على الأولياء فقال: إذا ذكر الأنبياء فحدثوا عنهم، وإذا ذكر محمد صلى الله عليه وسلم فاسكتوا. وإذا ذكر الأولياء فحدثوا عنهم، وإذا ذكر السيد أحمد الرفاعي فاسكتوا. ثم بلغ بهم الغلو في إطراء الشيخ الرفاعي رحمه الله أن جعلوه خاتم الأولياء كما أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتماً في الأنبياء وذلك جرياً على المشابهة التي بينه وبينه. فذكر الشيخ القرشي أن الله قد ختم بالرفاعي الولاية كما ختم بمحمد النبوة.
    وعقيدة ختم الولاية فكرة صوفية أول من تكلم بها الحكيم الترمذي وابن عربي وغيرهما من غلاة الصوفية، ثم أخذها المتصوفة عنهم ونسبها كل منهم لشيخه فنسبت بعد ذلك للشيخ عبد القادر الجزائري والتيجاني وغيرهما. وحقيقة الأمر أن خاتم الأولياء هو آخر مؤمن يبقى على هذه الأرض، وليست ولاية الله تنقطع بموت أحد هؤلاء المشايخ قبل مئات السنين من الآن، فإن كل مسلم يؤمن بالله ويتقيه فهو ولي لله تبارك وتعالى.
    ولهذا فإن المفهوم الصوفي للولاية بعيد جدا عن مفهوم الإسلام لها.
    الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص17، 18

    المبحث الخامس: نماذج من غلو الرفاعية

    المطلب الأول: غلو الرفاعية في شيخهم ومشايـخـهم

    قالوا عن الرفاعي: إنه: «كعبة القاصدين وقبلة أهل الحال». وأنه «كما أن الكعبة قبلة المصلين، وكما أن العرش قبلة أصحاب الهمم، فكذلك الشيخ قبلة المريدين. فالعرش قبلة الهمم، والكعبة قبلة الجباه، وأحمد قبلة القلوب». وهم بذلك جعلوا للمسلم أكثر من قبلة وجعلوا أخصها: أحمد (القبلة) إذ القلوب تتجه إليه بينما يتجه الناس إلى سواه بهممهم وجباههم، وكأن قلوبهم تكون منعزلة عن الكعبة حين يتوجهون إليها. فجعلوا الرفاعي ندا حتى للكعبة لا سيما حين أخبروا أنها أتت بنفسها والرسول صلى الله عليه وسلم إلى قرية الرفاعي .وأنه «غوث الثقلين» أي الذي تستغيث به الجن والإنس بل إن النعجة تستغيث به إذا هاجمها الذئب وتقول بلسان فصيح أدركني يا سيدي أحمد .وأن الله صرفه في الكون وأنه « مجيب الدواعي وأمان الخائفين، والمتحكم في ذرات الكون وأنه ملجأنا وملاذنا ومفزعنا وولي نعمتنا. وأنه كشاف المدلهمات والكروب وأن التمسك بأذياله من أسباب النجاة. وأن الله ختم به الولاية فهو « خاتم الأولياء ». وأن الله جعله ظلا ظليلا وأمانا لأهل الأرض، وأن مقامه وخلافته تشهد بها السموات والأرض، وأن كل الناس أجابوا ولايته، حتى الذر الذين لم يزالوا في أصلاب الآباء قد شهدوا بولايته. فبه يدفع الله البلاء، وبه يمطر السماء وبه يرحم الخلق، وبه تخضر الأرض، وبه يدر الضرع، وبه تنزل البركات، وبه ترفع الدرجات. ووصفوا الشيخ رجب الصيادي الرفاعي بأنه « رب الخوارق والفواضل، الواجد الماجد ».
    وقالوا بأنه لو قدر أن يكون الرفاعي حيا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لنزلت فيه آيات تتلى.نقل ذلك الصيادي عن صدر الدين السبكي الذي رثى الرفاعي ببيتين من الشعر قال فيهما :

    يا ابن الرفاعي يا من شمس دولته

    لها بكل فجاج الكـون عنوان

    لو كنت في زمن المختار شافعنا

    لجاء في خلقك الممدوح قرآن
    وقد يرون مثل ذلك لغير الرفاعي، فقد نقل الصيادي عن محارب بن دثار أنه أثنى على داود الطائي ثم قال: « لو كان داود الطائي في الأمم الماضية لقص الله علينا من خبره ».
    وهذا غلو وادعاء أنه كان يمكن أن تكون بعض آياته على خلاف ما هي عليه الآن لو كان الرفاعي في عهد النبوة. ثم ليس الرفاعي أعز عند الله من أبي بكر وعمر اللذين كانا أحب الناس إليه وإلى نبيه صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يرد ذكرهما في قرآنه!.وقد وصفوا تاج الدين الرفاعي أنه «غياث الملهوفين» والشيخ عبد الرحيم بن علي الرفاعي أنه «غوث الثقلين» يعني أن الجن والإنس تستغيث به عند الشدائد والكربات.
    ولقد شجب الرواس فكرة الغلو هذه التي اتسم بها الكثيرون من أهل التصوف واعتبرها من طباع أهل الشرك. قال: « وبويعت في الحضرة على عدم النظر إلى الآباء والأجداد، فإن المفاخرة بهم من طباع أهل الشرك، والغلو بهم من بقايا نخوة الجاهلية ».
    غير أنه قال كلمة حق في كتاب مليء بالباطل وهو (بوارق الحقائق) الذي يحكي فيه قصة طوافه بأهل البيت والمنتظر « الحجة » وخروجهم من قبورهم لاستقباله في كل زيارة وكل مناسبة.
    ثم إن آل الصيادي - والرواس منهم - يعتبرون السلالة التي غلت في الطريقة وفي الرفاعي ما لم يفعل غيرهم لا سيما محمد بن حسن وادي الصيادي الملقب بـ «أبي الهدى» الذي نقلت من كلامه أكثر انحرافات الرفاعية وغلوهم.ويأتي الشيخ بهاء الدين ابن عم الرواس بأبيات يمتدح فيها آباءه وأجداده، ويدعو المحتاجين والمضطرين إلى الاستغاثة بهم فيقول فيما ينقله الصيادي عنه :

    إشاراتنا فوق الرؤوس تخفق

    وأعلامنا تحت المعالي تصفق

    ومن نال من أنفاسنا هام قلبه

    وأثوابه شوقا ووجدا يمزق

    ونحن بنو الغوث الرفاعي أحمد

    كمالاته والسر فينا محقق

    ومن أمنا لم يخش ضيما ولا عنا

    وأيدي البلايا نحوه لا تطرق

    لنا مدد في سائر الأرض قد سرى

    ونحن شموس في سما الكون نشرق
    بل يقول الصيادي نفسه

    الأحمديون للإسلام أركان

    وفوا العهود وأشعاث الحمى صانوا

    بهم أشد على الأخطار مقتحما

    لا السم سم ولا النيران نيران

    بهم تفرج عن ذي النون غمته

    وفاز نوح ولم يمسه طوفان

    عش طيب الأمن يا من يستجير بهم

    فما عليك لصرف الدهر عدوان

    ذاك الكبير أبو العباس أحمدهم

    له على ملكوت الله إيوان

    هذا أبو العلمين الفرد حجتنا

    في يوم لا يعرف الخلان خلان

    غوث الخلائق من ينبوع منهجه

    تفيض في الكون أسرار وعرفان

    يحمي الضعيف إذا ما سن شفرته

    دهرا وأرضى الرزايا وهو غضبان

    أجار حتى الثريا في مناعتها

    تود لو أنها قوم وجيران

    ومن صور الرفاعية في مشايخهم اعتقادهم أن البركة تحصل بمجرد ذكر أسماء مشايخهم ولذلك أمروا أتباعهم عند ذكر أسمائهم أن يمسحوا بأيديهم على وجوههم.وصرح الرفاعي أن الشيخ منصور كان يأخذ التوبة على الناس حتى الطفل الذي في المهد وحتى الأجنة في البطون ثم قال: « إذا ذكرتم الشيخ منصور فأمروا أيديكم على وجوهكم ينورها الله تعالى ببركته». ونقل عن أحد مشايخ الرفاعية أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وكلما ذكر أمامه أبو الوفا قال صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم ما أقول فيمن أباهي الأمم به يوم القيامة. قال الوتري: « ولذلك كان مشايخ الرفاعية إذا ذكروا أبا الوفا يسمون الله تعالى ثم يأتون بذكره ». وكانوا يقولون: « عجبنا لمن يذكر اسم السيد أبي الوفا ولم يسم الله ويمس بيده على وجهه كيف لم يسقط لحم وجهه لهيبته».

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء أكتوبر 02, 2024 2:25 pm